هل تجوز تهنئة البابا الجديد؟

استنكر البعض توجيه تهنئة لبابا الفاتيكان الجديد بمناسبة انتخابه على رأس الكنيسة الكاثوليكية.
مر أكثر من 40 عاماً على مبادرة الملك فيصل بن عبد العزيز للتواصل الإنساني مع بابا الفاتيكان بولس السادس، بدأ بعدها الحوار الإيجابي بين الجانبين المسلم والكاثوليكي في الرياض في 22 آذار (مارس) 1972، تلته عدة جلسات حوار بين الطرفين في مختلف دول العالم.
توج الملك عبد الله هذا التواصل في السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 عندما مد يده مصافحاً البابا بنيديكتوس السادس عشر في مقره في مبنى الفاتيكان في روما على بعد خطوات من كاتدرائية القديس بطرس، أكبر كنيسة مسيحية في العالم. ثم جاءت دعوة السعودية للحوار بين الحضارات والديانات والثقافات، وهي مبادرة محبة وسلام من منطلق إدراكنا التام أن ما يجمع الغالبية العظمى من شعوب العالم هو أكثر مما يفرقها، وبالتالي فإن التعايش السلمي بين الأديان مطلب إيجابي ومُلِح ومشروع.
ما نسعى إليه هو التأكيد على أن الحوار مع الآخر هو السبيل الأمثل للتعايش بين الأفراد والمجتمع. الحوار لا يعني أن تصبح مثلي أو أن أصبح مثلك، بل لتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف.
أهمية الحوار مع الأديان الأخرى هدفه تعزيز التسامح الذي تحث عليه جميع الأديان، ونبذ العنف وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار لشعوب العالم كافة، وتحقيق التوافق على الصعيد العالمي، وحل النزاعات بالطرق السلمية.
علينا الالتزام ليس فقط بالاعتراف الشكلي بالحوار مع باقي الأديان، لكن أيضاً المحافظة على مبادئ الكرامة الإنسانية وقيمها، وحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع دون تمييز على أساس العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين.
لقاء الملك عبد الله وبابا الفاتيكان كَرَّسَ لمبادرة سامية ونبيلة؛ وهي تفعيل ثقافة الحوار والإسهام في تعزيز التواصل الإسلامي - المسيحي، تجسيداً للخير والطمأنينة والوفاق الاجتماعي وتعزيز روح الاحترام والمحافظة على قدسية المواقع والرموز الدينية لجميع الأديان.
ليس من المستغرب أن الملك عبد الله أكد عند لقائه بابا الفاتيكان أن ما يجمع بين الشعوب قيم إنسانية مشتركة، وأن خير تعبير لهذه القيم هو ما جاءت به الأديان، وأن في العودة إلى هذه القيم مخرجا لما تعانيه الشعوب من ويلات الخلافات والصراعات.
الأسبوع الماضي تصاعد الدخان الأبيض من مدخنة كنيسة سيستين إيذانا بنجاح الكرادلة الـ 115 في انتخاب البابا الجديد؛ الكاردينال الأرجنتيني خورخي ماريو برجوليو. سواء كان البابا الجديد مناصراً للفقراء ومحباً للسلام وممن تقطعت بهم السبل، أو ما تردد حوله غير ذلك فهذا لا يعنينا.
ما يعنينا هو استثمار هذه المناسبة لتطوير وتحسين العلاقات بين أتباع الإسلام والمسيحية، وقد بدأها الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين أوغلي، حين بادر بإرسال رسالة تهنئة للبابا الجديد على رأس الكنيسة الكاثوليكية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي