عاداتنا السيئة
لكل شعب عاداته التي تعود عليها، حتى أنك إذا رأيتها تعرف على الفور أنها عادة من عادات شعب معين، وذلك مثل أن تحرك إصبعين من كل يد وأنت تتحدث بما يعني أن الكلام بين قوسين، أو أن تبتسم وتهز رأسك رأسيا لشخص قابلته وأنت تمشي بما يعني أنك تلقي عليه التحية وأنت لا تعرفه، وهذه عادات غربية معروفة. والعادات مثل الأمثال تنتشر بين الناس بشكل سريع فتصبح طابعا لشعب معين وتدخل ضمن ثقافتهم الخاصة، ولا أعلم إن كان لدى الشعوب الغربية من يزرع العادات الجيدة لدى الناس ويدخلها ضمن ثقافتهم الخاصة، فلديهم الكثير والكثير من العادات الجيدة التي اتخذها الناس كثقافة لهم وأصبحوا يمارسونها دون الحاجة لوجود رقيب عليهم فيها، مثل الوقوف بانتظام داخل الطوابير وعدم إلقاء المخلفات في الطرقات واحترام أنظمة المرور من ربط حزام الأمان إلى الالتزام بالسرعة القصوى المحددة للطرقات، وعلى الرغم من أن لديهم قوانين صارمة تجاه المخالفات إلا أنك تجد أن الالتزام بالقوانين لديهم منبعه عادات جيدة لديهم وليس خوفهم من عقاب الجهات الرسمية.
أما لدينا فتجد أننا نمارس الكثير من العادات السيئة، فعلى مستوى السلوك الشخصي لم نتعود أن نبتسم لشخص لا نعرفه داخل المصعد، ومن منا لديه مهارات اتصال عالية سيلقي السلام بشكل عام على الجميع، ولن يتأثر أحد حين يدخل أحدهم إلى مصعد به مجموعة من الناس وهو جاد الملامح لا يبتسم لأحد ولا يلقي التحية عليهم، وسيعتبرون ذلك السلوك عاديا ولن يعتبره أحد سلوكا شاذا أو غريبا إلا وباحتمال ضعيف زائر أجنبي يزورنا لأول مرة. ولا أعرف ما يمكننا فعله لكي نحسن عاداتنا بالسلوك الشخصي.
وعاداتنا السيئة لا تقف عند حدود السلوكيات الشخصية فعاداتنا المرورية بالغة السوء، فإذا أردت أن تسير في شوارعنا وطرقنا فيجب عليك أن تدخل في مغامرة حقيقية، فتجد السيارات تتجاوزك وبسرعة كبيرة وتكاد تحتك بسيارتك من قربها لها، ووجدنا الحل السهل والسريع هو أن نطبق نظام ساهر الصارم دون أن نراعي أن تلك العادات السيئة تم بناؤها لدينا خلال أعوام كثيرة كانت الرقابة فيها غائبة عن قائدي المركبات بكل أنواعهم.
وعاداتنا المرورية السيئة لا تقف عند حدود السرعة الجنونية وتجاوز السيارات بشكل خطير، فليس مستغربا أن تخرج من السوبر ماركت فتجد سيارة أخرى تقف بشكل مخالف بطريقة تمنعك من الخروج من الموقف، وعليك حينها أن تنتظر صاحب تلك السيارة لكي يتكرم عليك فيسمح لك بالخروج، وحتى حين يعود ويراك تنتظر عودته لا يشعر بأي خجل فهو يعتقد أننا كشعب ليس لدينا ما يدعونا للاستعجال، لن توجد مشكلة إذا تأخرنا قليلا.
ومن عاداتنا المرورية السيئة الأخرى عدم ربط حزام الأمان حتى أصبح من الغريب أن تجد قائد مركبة يربط حزام الأمان، ولكي أكون صادقا معكم ولا حتى أنا، نعم إنني مثل الجميع أحمل العادات السيئة إلا أنني لا أوقف سيارتي بطريقة أقطع بها طريق الخروج على الآخرين ولا أسير بسرعة جنونية وأتجاوز الآخرين بشكل خطير إلا في حالات الطوارئ.
عاداتنا السيئة لا تقف عند هذا الحد فقد تعودنا على رمي المخلفات في الطرقات ونؤمن أن هناك من سيلتقطها عنا، ولا نكلف أنفسنا عناء رمي المخلفات في الأماكن المخصصة لذلك وهي منتشرة بشكل جيد في الطرقات، ونتيجة هذه العادة السيئة نجد الكثير من عمال النظافة يجوبون الشوارع والطرقات لالتقاط النفايات من ورائنا، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تجاوزه إلى إلقائنا المخلفات في كل مكان بما في ذلك المولات والتي أصبح ضروريا لديها أن تعين عمال نظافة يلتقطون مخلفاتنا التي نرميها في كل مكان، فأطفالنا قد اكتسبوا منا تلك العادة السيئة وأصبحوا بدورهم يلقون المخلفات في كل مكان.
علينا أن نجد طريقة لتغيير عاداتنا السيئة واستبدالها بعادات جيدة، فلا أرى أن برامج التوعية لها تأثير يذكر في تغيير تلك العادات، خصوصا إذا رأى أبناؤنا سلوكياتنا التي تخالف ما يرونه في تلك البرامج فيعتقدون أن تلك البرامج هي برامج تدعو لتطبيق وضع مثالي لا يمكن تطبيقه بشكل حقيقي في حياتنا.