مقاطعة المنتجات الإيرانية

بادرت دول مجلس التعاون أخيرا إلى اتخاذ عقوبات مالية أرجو أن تكون حاسمة ضد مصالح ما يسمى حزب الله في دول مجلس التعاون. ويستغل هذا الحزب، أو على الأصح المنظمة الإرهابية، الظروف الاقتصادية المتميزة لدول مجلس التعاون الخليجي للحصول على إيرادات تساعده على تمويل أنشطته الشيطانية، التي تضمنت حتى محاولات تهريب المخدرات إلى دول المجلس. ومع أن هذا الحزب كان يناصب دول المجلس، خصوصا البحرين الشقيقة، العداء منذ أمد بعيد، إلا أنه لم يتم اتخاذ أي إجراءات فعلية ضده إلا قريباً. وكشف هذا الحزب الإرهابي عن بعض ملامح وجهه القبيح بعد أن تخلى جزئياً عن قناع التقية الذي كان يحاول مخادعة الرأي العام العربي والإسلامي به. وأبدعت هذه المنظمة في تصرفاتها الإجرامية ضد الشعب السوري المكلوم والمنكوب بدموية نيرون سورية وزبانيته، وتجاوزت فظائعه وحلفاؤه الفظائع الإسرائيلية بمراحل كثيرة. وقد تأخر كثيراً، اتخاذ إجراءات رسمية ضد هذه المنظومة الإرهابية، لكنه أتى على كل حال، وهذا شيء جيد ومحمود. ولا يعمل هذا الحزب وحده مثل بقية المنظمات الإرهابية حتى يمكن عزل تبعية أعماله عن الكيانات السياسية المعترف بها دولياً، إنما هو إحدى أذرع نظام الملالي في طهران الذين يعيشون ويحاولون تعميم خرافة وبدعة ولاية الفقيه، كما يحظى بدعمه الرسمي. وحصار هذا الحزب مالياً قد يحد من قدرته على تنفيذ بعض جرائمه، لكن وقوف نظام طهران خلفه سيوفر له حداً أدنى من الدعم يمكنه من الاستمرار. ولهذا فإن استهداف هذه المنظومة وحدها لن يوقفها عن التعدي على الأبرياء في بلاد الشام أو خارجها. وأي تحرك ضد هذه المنظومة ينبغي أن يتكامل مع تحرك شامل ضد النظام المتعجرف في إيران الذي يحلم بالسيطرة على المنطقة ونشر معتقداته الباطلة. وقد تبنت الدول الغربية جملة عقوبات ضد هذا النظام للحد من قدرته على تصنيع الأسلحة النووية. ولا تعادي إيران الدول الغربية كرها لها، ولكن كي تنفرد بالسيطرة على المنطقة وتنشر معتقداتها المشوهة، وهي مستعدة لعمل أي شيء من أجل ذلك. ولهذا فإن على دول المجلس التي تحاول إيران تطويقها في مناطق نفوذ لها أن تتخذ إجراءات أكثر حزما وصرامةً ضد هذا النظام وتوابعه، خصوصاً في المجال الاقتصادي. ويمثل النظام الإيراني القائم في الوقت الحالي أكبر تحد استراتيجي وأمني لدول المجلس، بل يهدد حتى وجودها.
وكشفت أحداث الثورة السورية اليتيمة عن الوجه الحقيقي للنظام الإيراني وتصميمه على تحقيق أهدافه الشيطانية وهيمنته بغض النظر عن الطريقة والثمن. ولهذا فإن دعم النظام الإيراني بأي صفة أو التعامل معه بشكل طبيعي يساعده على تحقيق أهدافه غير المشروعة. وأدى الربيع العربي إلى تخلخل الأمن القومي العربي، بسبب حالة عدم الاستقرار التي تشهدها دول الربيع العربي، ويحاول النظام الإيراني جاهدا استغلال حالة الضعف العربي الراهن في تسريع تحقيق أهدافه. وتتحمل دول المجلس مسؤولية إضافية في التصدي لمحاولات إيران استغلال ظروف دول الربيع العربي والتغلغل في هذه الدول، وعلى دول المجلس مساعدة هذه الدول على الخروج من حالة عدم الاستقرار التي تشهدها للحد من قدرة إيران على استغلال ظروف هذه الدول.
كما تتحمل الشعوب العربية، خصوصا الخليجية، مسؤولية المشاركة في التصدي لأطماع النظام الإيراني من خلال ضرورة إدراك أهدافه الحقيقية والتوقف عن إضعاف الصف الداخلي وتحقيق المزيد من اللحمة والاصطفاف خلف استراتيجية التصدي لهذا الخطر الاستراتيجي المحدق بها. وتأتي مقاطعة السلع والمنتجات الإيرانية من قبل شعوب المنطقة وحث باقي شعوب العالم على مقاطعة هذه المنتجات كإحدى الوسائل التي يمكن استخدامها لإضعاف هذا النظام. وتحرك الشعوب ضد مصالح هذا النظام أقوى من تصدي الحكومات، حيث يبعد الحرج عن الحكومات، ويزودها بالمزيد من الدعم المعنوي لاتخاذ إجراءات أقوى. ويدل تحرك الشعوب على إدراكها مطامع إيران وتصميمها على التصدي له، واستعدادها لبذل المزيد من التضحيات للدفاع عن كيانها. صحيح أن هذا النظام الإيراني لا يصدر كثيرا من سلعه للعالم العربي إلا أن مقاطعة منتجاته وسلعه سيكون مؤثراً في القرار الإيراني ودليلاً على أن شعوب المنطقة مستعدة للدفاع عن نفسها وليست لقمة سائغة للطامعين. وتصدر إيران بعض السلع والمنتجات التي تؤمن دخلاً جيداً لتمويل أنشطتها. ويعتبر السجاد الإيراني والمكسرات والزعفران، والفواكه أهم صادرات إيران إلى دول المجلس. ويمكن وبكل سهولة الاستغناء عن هذه المنتجات، فالبدائل موجودة ومتوافرة وهذه السلع على كل حال ليست ضرورية.
ويعاني النظام الإيراني كثيرا من العقوبات الغربية ضده وأي إجراءات إضافية ضده، خصوصاً من الشعوب، سيفاقم معاناته ويحد من صلفه المتزايد في التعامل مع الدول الخليجية وشعوبها. ويمكن لرجال الأعمال أن يسهموا بفاعلية في دعم الرفض الشعبي للتصرفات الإيرانية من خلال التوقف عن الاستثمار بشكل كامل في إيران وتوابعها وحتى وقف أي تعاملات مع الشركات ورجال الأعمال الإيرانيين والمتعاطفين مع نظام طهران، وكذلك الإبلاغ عن التحويلات المالية التي تتدفق إلى النظام الإيراني من بعض ضعاف العقول، والطرق الملتوية التي تساعد النظام الجائر هناك على التمادي في أفعاله. إن مقاطعة سلع ومنتجات النظام الإيراني ووقف التعامل الاقتصادي والمالي معه ليس الرد المناسب لعجرفة نظام الملالي في إيران ضد دول المجلس وليس كافيا للرد على هدر دماء إخوتنا الأبرياء في سورية، لكنه تحرك مبدئي في استراتيجية متكاملة وفاعلة ينبغي رسمها وتفعيلها للتصدي لمطامع النظام الإيراني وحماية أمننا الوطني والقومي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي