طارق سندي وثقافة المؤسسة
قدمت مجلة ''صانعو الحدث'' عدد حزيران (يونيو) الحالي، ملفا إعلاميا عن صناعة النقل الجوي في الخليج العربي، استضافت فيه مجموعة من رؤساء الخطوط والشركات ذات العلاقة. من ''الخطوط السعودية'' ظهر اسم طارق سندي مساعد المدير العام للتسويق وإدارة المنتج، وحين سألته المجلة عن الأرباح التي حققتها ''الخطوط السعودية'' قال ما نصه: ''كانت الشركة في الفترات السابقة، حتى الآن، تقوم بمعادلة التكاليف مع الدخل، حيث إن أسعار تذاكر الرحلات الداخلية لم تتغير منذ 16 سنة. وعلى هذا فإن الشركة تسجل خسائر في الرحلات الداخلية وتوازن ذلك في تعديل الأسعار على الرحلات الخارجية. وهذه الخسائر نحن نتحملها في سبيل تقديم خدمة مميزة للمواطن السعودي''، انتهى. في العمود السابق تطرقت لشماعة الرحلات الداخلية التي يدعمها الحرس القديم لتبقى قوية وقادرة على تعليق إخفاقات ''الخطوط'' المتعددة والمتجددة، فبدون شماعة قوية ينكشف الحرس القديم ويصبحون غير قادرين على البقاء في صناعة تشتهر بالاحترافية والديناميكية والشفافية. يمثل طارق سندي مثالا للحرس القديم الذي ذكرته في المقال السابق، وهي العناصر القديمة التي لا تزال تمسك بدفة ''الخطوط'' رغم التجديد في هيكل سفينتها، وهي أيضا الفئة التي تنبع منها ثقافة المؤسسة. أخفى طارق سندي – متعمدا - عند حديثه لمجلة ''صانعو الحدث'' فضل الدولة على ''الخطوط'' التي تمنحها وقودا مجانيا يشكل أكثر من ثلث تكلفة (منتجه) وأخفى متعمدا أن الدولة متسامحة عن تحصيل رساميل المطارات الداخلية لسنوات طويلة، وأغفل متعمدا وهو مدير (المنتج) أن أسعار درجتي الأعمال والأولى في الرحلات الداخلية تم تحرير سقفيهما، وأن ''الخطوط'' تحتكرهما في سوق قوية للدرجتين. ليس هذا فقط، بل ظهرت ثقافة المؤسسة بصورتها البالية عند قوله إن ''الخطوط'' - وليست الدولة - تتحمل الخسائر في سبيل تقديم خدمة مميزة للمواطن السعودي. كان بإمكان طارق سندي القول إن ''الخطوط'' غير قادرة على الربحية بسبب ترهل القوى البشرية البالغة ثلاثة أضعاف الحجم الطبيعي، لكنه مثال للثقافة والموروث المؤسسي في ''الخطوط'' السعودية الذي يجيد خلق تبريرات الإخفاق ويجهل لغة صناعة النقل الجوي الرقمية الحديثة التي تعطي المؤشرات الحقيقية لكفاءة وفاعلية الناقلات الجوية.