صعود محدود للبطالة مع المحافظة على توليد الوظائف

صعد مجددا معدل البطالة بين المواطنين في السعودية بنهاية الربع الثالث من 2024 بـ 0.7 نقطة مئوية إلى 7.8 %، بالمقارنة مع الربع الثاني من 2024، وتراجع بمعدل سنوي بـ 1.0 نقطة مئوية بالمقارنة مع الربع الثالث من 2023، وعلى الرغم من ارتفاعه ربعيا للذكور والإناث بالمقارنة مع الربع الثاني لنفس العام، إلا إنّه سجل تراجعا سنويا بالمقارنة مع نفس الربع من 2023 بتراجع معدل البطالة للذكور إلى 4.66 % وتراجعه أيضا لفئة الإناث إلى 13.56%، مدفوعا بصعود صافي أعداد العاملين في القطاع الخاص منذ مطلع 2024 بـ 2.6 % بنحو 59.5 ألف عامل، ليستقر أعداد العمالة المواطنة في القطاع الخاص مع نهاية الربع الثالث من 2024 عند 2.4 مليون عامل، وبمعدل توطين لإجمالي القطاع الخاص بلغ 20.7 %، ويعد هذا المستوى لحجم التوظيف المسجل للقطاع أعلى مستوى تاريخي له، دفع إلى تحققه على الرغم من الظروف غير المواتية التي يشهدها الاقتصاد العالمي؛ النمو الحقيقي الجيد للقطاع بـ 4.3 % المتحقق بنهاية الربع الثالث من 2024.

تؤّكد حزمة المنجزات التنموية الملموسة أعلاه على مستوى سوق العمل المحلية عموما، وفيما يتعلق بتطوراته ضمن محيط نشاطات القطاع الخاص، وتحديدا على مسار التسارع الجيد لتوظيف الموارد البشرية المواطنة، كل ذلك يؤكد فيما يتعلق بأهم مؤشرات أدائه على أهمية تعزيز برامج ومبادرات التوطين المحلية بالمزيد من التقدّم بمشيئة الله تعالى، وتزداد أهميتها في ظل الأوضاع غير المواتية التي لا زال الاقتصاد العالمي وعلى المستوى الإقليمي، حيث لا زالا يرزحان تحت ضغوطات متجددة ومتنوعة من حين إلى آخر، والمتوقع ألا تتقلص مخاطرها في منظور العامين القادمين على أقل تقدير، وتكاملها مع السياسات الاقتصادية الحصيفة التي وفّرت كثيرا من الاستقرار والمتانة للاقتصاد الوطني في وجه تلك المتغيرات الخارجية.

يأتي أهمية هذا الحديث قياساً على عديد من الاعتبارات؛ في مقدمتها النمو المتصاعد لمخرجات التعليم العالي والفني والعام من الموارد البشرية المواطنة، التي يتطلب توفير المزيد من الوظائف أمامها جهودا أكبر من كل ما سبق بذله وتسخيره، وأن تندفع منشآت القطاع الخاص بخطى أسرع نحو الاعتماد بدرجة أكبر على الموارد البشرية المواطنة، التي أثبتت كفاءتها ومهاراتها العالية في أهم نشاطات الاقتصاد الوطني، المندفع بدوره نحو مزيد من تنويع قاعدته الإنتاجية تحت مظلة رؤية المملكة 2030.

كما يمكن التأكيد على أن ما تحقق من منجزاتٍ ملموسة تجيّر لسوق العمل المحلية عموما ولبيئة الأعمال في القطاع الخاص طوال الأعوام القليلة الماضية، أنّه يعزى في المجمل إلى تظافر وتكامل عديد من العوامل الاقتصادية والمالية الأساسية، التي يأتي على رأس هرمها ما يمكن وصفه بالتحولات الجوهرية التي سبق العمل على تنفيذها وترجمتها على أرض الواقع طوال أكثر من ثلاثة أعوامٍ مضت، تمحورت في صلب هيكلتها حول التطوير المتتالي لبرامج التوطين وتحديثها المستمر بما يتوافق مع متغيرات الاقتصاد المحلي وتطورات بيئة الأعمال المحلية، وموازاة التغيرات المتسارعة على هيكلة الاقتصاد الوطني خلال الأعوام القليلة الماضية، وهي تلك التطورات التي أسهمت في مجملها نحو إضفاء المزيد من المرونة على الخصائص المختلفة للوظائف في سوق العمل، وتركيز تلك البرامج بدرجة أكبر على المزايا وقوة الطلب على الوظائف المتاحة في مختلف النشاطات، ما وفّر إمكانية الإسراع بنمو الوظائف الأكثر طلبا من الموارد البشرية المواطنة، ما أدّى إلى ارتفاع إجمالي العمالة المواطنة في القطاع الخاص بنهاية الربع الثالث من 2024 إلى نحو 2.4 مليون عامل كأعلى مستوى تاريخي يسجله القطاع الخاص من الوظائف المشغولة بعمالة مواطنة منذ نشأة هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد السعودي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي