لماذا الإقصاء للمرأة في استئجار السكن؟
ساق لي أحد الأصدقاء حادثة صارت لإحدى قريباته، حيث كانت ترغب في استئجار بيت لها ولأسرتها والمكوَّنة من والدتها وأخوين أحدهما مريض والآخر قاصر حيث هي من يقوم على شؤونهم جملة وتفصيلاً وذلك في غياب ولي الأمر لظروف أخرى.
المهم في الأمر أن هذه المرأة كانت تبحث عن بيت يناسب حاجتها وقيمة الإيجار وما إلى ذلك والذي بعد جهد مضنٍ وجدته؛ غير أنه حين جاء توقيع عقد الإيجار رفض المكتب العقاري أن تكون هي مَن يوقع العقد باسمها وطلب منها أن تحضر رجلاً يكون باسمه العقد الإيجاري. وبعد أن تدبرت أمرها ولكيلا تفوت فرصة وجود هذا المسكن ومناسبته لظروفها جاءت بأحد أقاربها ليكون العقد باسمه على الرغم من أن الذي سيدفع الإيجار هي وليس الرجل الذي وقّع العقد.
ولعل ما استوقفتني في هذه الحادثة أموراً كثيرة، منها أن المجتمع اقتصادياًّ ما زال ينظر إلى المرأة على أنها غير مكتسبة ولربما لا تستطيع دفع المبالغ التي في ذمتها سواء كان ذلك المبلغ إيجاراً أو حتى من القروض التي تمنحها البنوك سواء التجارية أو بنوك التسليف. بل إن هناك نوعاً من النظرة الأقل في الثقة باكتساب المرأة سواء من وظيفة أو من أعمال تديرها لنفسها.
أما الأمر الثاني فهو ما يحاول أن يتجنبه المجتمع الاقتصادي من تعاملات مع المرأة لكون النظرة إلى حل أي خلافات في المستقبل أصعب وذلك لتدني البنية التنظيمية والتي تختص بالمرأة مقارنة بالرجل والتي في أغلب الأحيان تكون منطلقات ذلك القصور إما عوامل اجتماعية وموروثات لا تتناسب وطبيعة الحياة الآن أو ربما لعدم وجودها في الأصل.
إن الانفتاح والتنامي والنمو الاقتصادي يلزمه أن يكون للمرأة دور مماثل للرجل في المشاركة في الناتج الإجمالي للاقتصاد على وجه العموم، خاصة فيما يتناسب وطبيعتها وما يسمح به الشرع والدين وقيم المجتمع وإلا فسيستمر الخلل في وجود القصور من جانب نصف المجتمع.
ولا شك أننا قطعنا شوطاً كبيراً في إصلاح جوانب القصور تلك بأولويات اقتصادية بداية من التعليم وانتهاء بالتطبيق العملي لمزاولة ما تعلمته وتتعلمه المرأة السعودية غير أن التسارع في جوانب الحياة ومناحيها المختلفة والتجدد حتى في أسلوب المعيشة يملي علينا أن نضاعف الجهد والتركيز بشكل أكبر نحو اللحاق بركب التنافسية وتقوية وتعضيد بنية الاقتصاد والتي على رأسها الموارد البشرية، حيث تشكل المرأة نصفها إجمالا.