لماذا لا نستمتع بصلاتنا ؟!

إن رمضان يأسرك بروحانيته وأجوائه , وإن للصلاة فيه طابع خاص ومذاق مختلف , ولكن نجد أن البعض منا يجد صعوبة في الاستمتاع في الصلاة معها أنها الرابط القوي الذي يربطنا بالسماء , بل على النقيض من ذلك نحن نستمتع بأمور كثيرة تتكرر في حياتنا ولكن للأسف هي أقل أهمية, بل هي دون ذلك بكثير.

ومن هذه الأمور التي قد تبدو بسيطة ولكنها تبين المعنى المقصود , أننا عندما نتفرس في وجوه بعض الناس حين يقضون أوقاتهم في أمور مسلية مثل مشاهدة مباراة أو حين يكونوا متوجهين إلى المعلب تجدهم منشرحين فرحين , بل إن البعض يفكر في المباراة قبل يوم أو يومين وكأنه هو الذي سوف يلعب وما هو إلا متفرج !, وفي كل مرة ربما يطغى نفس الشعور والحماسة مع كل مباراة. فلماذا لا نجد ذلك مع كل صلاة ومع كل لقاء ؟.

ولنأخذ مثالا آخر , هل رأينا تعابير الذين يحبون السفر وكيف يستعدون له بفترة من التخطيط بلهفة وانتظار وإن وجوههم لتنضح بالفرح والسرور, وكلما اقترب الموعد زادت اللهفة, فلماذا لا نجد ذلك مع كل صلاة و مع كل لقاء ؟.

ولننظر إلى اضطرب قلب المحبوب قبل لقاء محبوبه بأيام وليالي ، فتجد السهر والشوق , بل إن كل شيء حوله يذكره بالمحبوب, فالشمس حين تشرق وتغرب تذكره بالمحبوب , والسماء بصفائها , والليل بهدوئه كلها تذكره بالمحبوب. فلماذا لا نجد ذلك مع كل صلاة ومع كل لقاء ؟.

ودنيانا مليئة بالأمثلة التي تبين لنا فرحنا لأمور كثيرة منها ما هو جليل , ومنها ما هو وضيع. ولكننا نعجب من همة بعض كبار السن فتجد الواحد منهم يسألك في المجلس الواحد وفي كل خمس دقائق إذا كان قد أذن لصلاة أو لا , لعل ذلك جزء من التعلق وحب لقاء الذي فقدناه , وهو موجود عندهم لأن فطرتهم لم تلوث بعد بالمدنيَة الحديثة , ولأن قلوبهم لم تتعلق بالأسباب بل هي معلقة بمسبب الأسباب . يقول الأستاذ الأديب أحمد أمين رحمه الله " نحن نرى أن آباءنا كانوا أسعد منا بأيمانهم ".

إن رحلة الاستمتاع بالصلاة قد تبدأ قبل وقت دخولها بكثير , إنها تبدأ حين ننتظرها بشوق , وحين نسعى إليها بحنين كل ذلك يكون قبل اللقاء , فإذا حان وقت اللقاء وعانقت الجباه الأرض حينها فقط تجد القلوب لذة الاستمتاع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي