أهل مكة معاني الوفاء
قبل نحو عام من اليوم، كتبت في زاويتي هذه نفسها مقالا عن وفاء أبناء زاهد قدسي "رحمه الله" أولا لأبيهم، بتنظيم جائزة سنوية باسمه لأفضل معلق رياضي في العام، وثانيا لمسقط رأسهم مكة المكرمة، حيث يتم تسليم الجائزة فيها، وثالثا للرواد في مجالات الإعلام والتربية والرياضة ممن عاصروا فقيدهم وأبيهم زاهد، ورابعا وأخيرا لمن اجتهد وتألق من المعلقين وحاز على تصويت لجنة الأمناء ممن عاصر زاهد أو ممن تتلمذ على يده وأخذ من سيرته واستفاد من خبراته ليكون شخصيته ويحصد ثمن تعبه وجهده.
واليوم أكتب مقالي هذا بعد أن تشرفت بأن أكون عضوا في مجلس أمناء الجائزة، وحضرت حفل التكريم للمرة الثانية على التوالي، وهو الحفل الذي شهد تتويج علي محمد علي المعلق القدير في قناة الجزيرة الرياضية بجائزة زاهد قدسي للتعليق لعام 2013.
من المكرمين كان القدير أيمن جادة، المميز محمد البكر، والدكتور أمين ساعاتي، هذا بوجود عثمان السعد الرجل صاحب القلب الكبير وصاحب الذكريات الرائعة مع الفقيد زاهد قدسي، وبحضور وليد الكردي، ومحمد جميل عبد القادر رئيس الاتحاد العربي للصحافة الرياضية، الذي أعلن عن إقامة دورة المعلقين باسم زاهد قدسي في عام 2014، وكان التقديم رشيقا ومعبرا من الدكتور عدنان المهنا مع رعاية مخلصة من زياد فارسي نائب رئيس الغرفة التجارية في مكة المكرمة.
كل هذا عبارة عن وصف سريع عما حدث في الحفل يوم الأربعاء الماضي، ولكن ما أردت إيصاله للقارئ الكريم هو حجم الحب والتقدير والألفة التي كان عليها الإفطار في منزل زاهد يرحمه الله، بوجود ابنيه إبراهيم، وأشرف وأرحامهم وأولادهم، ومرورا بتجهيزات الحفل، ومع توالي الكلمات للمكرمين وتسليم الدروع الخاصة بالمناسبة والجائزة لعلي محمد علي، أعمال تدل على حسن التربية ووفاء الأبناء لأبيهم وبساطتهم في التعبير عن تقديرهم لدور والدهم في أكثر من مجال مع تنوعها، إضافة إلى حضور للمكرمين من عدد من المدن والدول، من مصر، قطر، الدمام، والرياض، ووجود عدد من رجالات الرياضة في مكة المكرمة على رأسهم عبد الوهاب صبان، وفوزي خياط، هذه البساطة في التعامل وحسن الخلق كانت أساسيات تعامل الراحل زاهد قدسي مع كل الناس الذين تعاملوا معه، في المقابل جاء الوفاء من جميع من حوله من أبناء مدينته مكة المكرمة.
في رأيي أن المعلق المحلي الذي لم يتتلمذ على يد زاهد قدسي ينقصه الكثير من المهارات والمبادئ التعليقية ليكون ذا باع في التعليق، أو ليفهم الرؤية الحقيقية والبعد المهم للتعليق الرياضي.
والفرصة لم تفوت لأن من الأجيال المقاربة لزاهد قدسي هناك علي حميد، خالد الحربان، يوسف سيف، حمادة إمام، وأيمن جادة لا يزالون ينثرون جمال تعليقاتهم في الفضاء ليسمعها القاصي والداني ويستفيد منها صاحب البدايات في التعليق، وحتى ممن بدأ منذ عدة سنوات بلا توجيه ولا رقيب أو حسيب، اختلت الأساسيات وتنتقل وتتحول إلى بكائيات وأصوات مزعجة عالية، وأشعار في غير مكانها، وتنظير لا حدود له ومعلومات مضللة، "ولزمات" مصطنعة الغرض منها فقط الشهرة السريعة على حساب المتلقي كبيرا كان أو صغيرا.
عموما كانت ليلة الخميس ليلة رمضانية مكية تزايد فيها نبض الوفاء من أبناء لأبيهم، ومن أستاذ لتلاميذه، ومن زملاء لرفيق دربهم، ومن زملاء لمهنتهم، ومن أهل مكة بكل معاني الجودة والأصالة لمنظومة إعلامية كبيره تضم أطراف أوطاننا الناطقة بلغة القرآن الكريم في شهر القرآن.
خاتمة:
اللهم ارحم موتانا وموتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك "صلى الله عليه وسلم" بالرسالة وماتوا على ذلك، آمين.