حديقة حيوانات

الجميع يعلم أن حديقة الحيوانات لدينا تعاني قلة زوارها، وتكاد تكون خالية طوال أشهر السنة، فلا مواسم لديها تنعش النشاطات التجارية داخلها التي من المفترض أن تكون مطاعم ومحال لبيع الهدايا التذكارية ومحال التسالي والآيسكريم، ولأنها تقريبا خاوية على عروشها فلا تجد تلك النشاطات فيها، وأعتقد أن الحيوانات فيها تعاني الممل من حياتها التي أصبحت تسير برتابة وروتين ممل يتكرر كل يوم، فلا تكاد ترى غير العاملين الذين يعتنون بشؤونها وبمستلزمات حياتها اليومية، إنك حين تقرر زيارة هذه الحديقة ستصاب بالملل وستندم فورا على قرارك بعد زيارتك لأول حيوان فيها. إن جمال حديقة الحيوانات بكثرة الزوار فيها فتشعر أن الحياة داخلها منتعشة وزيارتك ستكون في الغالب ممتعة، أما في وضع الحديقة الحالي فخلوها من الزوار يصعب على الزائر الاستماع بها وبحيواناتها الكثيرة، ولا يجعلنا قادرين على فتح نشاطات تجارية بداخلها تدعم متعة الزائر وتزيد من بهجته، وقد ابتعد الناس عن حديقة الحيوانات لدرجة أنهم لا يعرفون حتى مواعيد عملها ولا أسعار تذاكر الدخول فيها. إن وضع هذه الحديقة أصبح يحتاج بالضرورة إلى تدخل جراحي لإخراجها من مستنقع الفشل الذي سقطت فيه ولم تستطع أن تخرج منه، ولم نر من القائمين عليها أي جهود للترويج لها وتشجيع زيارتها، لقد أصبحت مشروعا فاشلا بكل المقاييس.
ولن تنجح الأماكن السياحية لدينا إلا إذا استطعت أن تجلب لها زوارا بأعداد كبيرة وأن تنشئ لها مواسم تزداد فيها أعداد الزوار، فتستطيع أن تضع فيها مطاعم تقدم طعاما لذيذا وتستطيع أن تفتح فيها محال للتسالي والآيسكريم ذي الجودة المعقولة والمقبولة، وتستطيع أن تبيع فيها هدايا تذكارية، وتستطيع أن تدعم تلك الأماكن بنشاطات ترفيهية أخرى مثل سيرك متنقل أو مسرح للطفل أو أي نشاطات ترفيهية أخرى. إن النجاح في جلب الزوار هو النجاح الحقيقي لتلك الأماكن السياحية، فجلب الزوار هو أحد أهم مقومات نجاح الأماكن السياحية وازدهارها.
ولكي تنجح حديقة الحيوانات لدينا علينا أن نجلب لها الزوار وذلك عن طريق عدة طرق، منها أن نلزم المدارس بزيارة سنوية للحديقة، فلو حسبت عدد الطلاب في المدارس لوجدت أن زيارتهم لحديقة الحيوانات ستنعشها ويمكننا من فتح النشاطات التجارية المتنوعة فيها وبمستوى لائق، ويمكن الترويج للحديقة عن طريق تقديم عروض سياحية للسياحة الدينية ــــ العمرة والحج ــــ تشمل زيارة سياحية للرياض فتكون حديقة الحيوانات أحد المعالم السياحية التي يجب زيارتها، كما يمكننا الترويج للحديقة لدى المواطنين والمقيمين عن طريق استخدام أساليب الترويج الإعلانية التقليدية، كما يمكن الترويج لها لدى المدن والقرى والهجر القريبة من الرياض. إننا لو فعلنا ذلك ستنجح حديقة الحيوانات في أن تكون أحد أهم المعالم السياحية في الرياض، وسيجد زوارها من المواطنين والمقيمين المتعة الحقيقية في زيارتها، كما سنستطيع أن نطورها ونطور فيها الخدمات السياحية.
المشكلة الحقيقية هنا أننا لم ندرك بعد أن لدينا حديقة حيوانات فاشلة تماما ولم تلعب دورها المأمول كمعلم سياحي، ولم ندرك أن الجهود التي تحتاج إليها لكي تنجح هي جهود في متناول أيدينا، جهود غير مكلفة نستطيع من خلالها أن نبني حديقة حيوانات ليس لها مثيل في الشرق الأوسط.
جميع المدن السياحية التي تولي السياحة أهمية كبرى لديها حدائق للحيوانات ناجحة جدا، وتستمتع بها عند زيارتها لأنك تجد فيها نشاطات تجارية ممتعة، وتجد فيها نشاطات ترفيهية تدعم حديقة الحيوانات، فتكون لديك أسباب إضافية لزيارتها، وستجد من آن إلى آخر صفا طويلا من طلبة إحدى المدارس بمرافقة مدرسيهم يزورون حديقة الحيوانات.
إنني هنا لا أطالب بأن نقوم بعمل جديد لم يفعله أحد قبلنا، ولا أدعي أن تلك الأفكار هي من بنات أفكاري ويجب أن تسجل لي كبراءة اختراع، بل أطالب بأن نفعل ما تفعله المدن السياحية للترويج لحديقة الحيوانات لديها. إن المدن السياحية تطبق تلك الأفكار للترويج لحديقة الحيوانات أو لغيرها من المعالم السياحية المهمة في المدينة، كل ما علينا فعله هو أن نستفيد من تجارب الآخرين ونأخذ منها ما يناسبنا.