صناعة الطيران بين الواقع والمأمول

تتفاوت أهمية القطاعات الاقتصادية بناء على مدى حاجة الناس إليها, كما تتفاضل القطاعات الاقتصادية على بعضها بعضا بناء على مدى مساهمة القطاع في توليد قطاعات وصناعات أخرى. فبعض القطاعات الاقتصادية ذات تأثير جوهري في الوضع الاقتصادي للدولة لما له من امتدادات متشعبة على الوضع الاقتصادي ككل. ولعل أحد أهم القطاعات الاقتصادية تأثيرا في الاقتصاد بمجمله قطاع الطيران. ولأن قطاع الطيران يلامس حاجة أساسية للمواطنين في بلادنا, ولأن نجاح هذا القطاع يؤسس لنجاحات قطاعات اقتصادية مهمة جدا لبلادنا, ولأننا نرى دولا أقل إمكانات مادية منا تتفوق وتتقدم علينا في إدارة هذه الصناعة البالغة الأهمية، ستظل المطالبة بأداء أفضل لإدارة هذه الصناعة سيدة الموقف. الانطباع العام لدى الأغلبية أن هناك تقدما في صناعه الطيران عندنا, والمطلوب أن يكون هذا التقدم بسرعة الصاروخ لما سيكون لهذا التقدم من آثار فائقة الإيجابية ليس فقط على صناعة الطيران, بل على صناعات أخرى ذات أهمية فائقة لاقتصاد بلادنا, وعلى رأس القطاعات المستفيدة من كفاءة أعلى لصناعة الطيران قطاع السياحة, الذي يعتبر أكبر موظف للموارد البشرية على مستوى العالم. وصناعة الطيران ليست فقط تنظيم رحلات خارجية وداخلية, (والله أعلم متى ستدار الرحلات الداخلية في مواسم الذروة بطريقة «أكثر كفاءة» تضمن انسيابية في حركه المسافرين في مواسم الذروة), بل تشمل التأسيس لتوطين صناعة قطع الغيار والصيانة وفي أقصى الحالات صناعة المحركات ذاتها.
الواقع يشير إلى أن «الطاقة الحالية للخطوط لا تسمح برفع عدد الرحلات الداخلية» كما صرح بذلك أحد مسؤولي الخطوط. وما لا شك فيه أن خصخصة الخطوط السعودية ستزيد من قدرتها على الاستغلال الأمثل لمواردها بما يمكنها من التوسع لتلبية الاحتياج الداخلي للرحلات, وبما يمكنها أيضا من تمويل احتياجاتها إلى التوسع في أسطول طائراتها, وبما يرفع من قدرتها على المنافسة مع القادمين الجدد إلى الساحة الداخلية. كما أن الواقع يشير أيضا إلى أن الخطوط تشغل 27 مطارا في بلادنا. والمأمول أن تتم خصخصة المطارات بالكامل وتحويلها لكيانات ربحية كفؤة. إن خصخصة المطارات ستكون ذات عائد إيجابي كبير على صناعة الطيران وعلى مستوى الخدمة المقدمة للمسافرين في المطارات بما يضمن راحتهم وتحقيق احتياجاتهم. كما أن تخصيص المطارات سيؤسس لصناعة إدارة المطارات في بلادنا، ما سيسهم في تنوع شركات الخدمات في المملكة.
إن ما حققته صناعة الطيران في بلادنا, من خلال الناقل الوطني, من مستوى عال من كفاءة انضباطية الرحلات (نحو 90 في المائة) مدعاة للتفاؤل بأن القادم أفضل, إلا أننا نأمل أن تتم خصخصة «الخطوط العربيه السعودية» حتى تتمكن من التحلي بمرونة أكبر في إدارة ذاتها وإدارة مواردها, فنحن نطمح إلى أن تكون كفاءة الانضباط فوق 95 في المائة. كما أن الواقع يقول إن الخطوط نجحت في بيع 30 في المائة من شركة ‹›الخطوط السعودية لهندسة الطيران›› التابعة لها مع شركة ‹›ترابط لصيانة الطائرات المحدودة›› المملوكة لشركة ‹›النقل المتكامل››, والمأمول أن تثمر هذه الصفقة عن تحول شركة «الخطوط لهندسة الطيران» إلى كيان صناعي ضخم يؤسس لتوطين صناعة صيانة الطائرات في بلادنا, كما نأمل أيضا أن تكون هذه الصفقة نواة لتأسيس صناعة قطع غيار الطائرات, ونأمل كذلك أن نسمع عن خطوات فعلية في استغلال البنية التحتية الموجودة في بلادنا كالمدن الاقتصادية وعلى رأسها مدينة الملك عبد الله الاقتصادية لتحقيق هذا التطلع الطموح الذي نريد الوصول إليه.
أمام صناعة الطيران في بلادنا طريق طويل للوصول إلى أقصى درجات الاستفادة من هذا القطاع المهم الذي يمس جميع مواطني وزائري المملكة. والمأمول الإسراع في خطوات تحقيق أقصى درجات كفاءة تشغيل هذه الصناعة العملاقة من خلال خصخصة «الخطوط السعودية», وخصخصة المطارات وغيرها من الإجراءات المهمة. فإيجابيات صناعة طيران قوي وصحي وكفؤ على الاقتصاد الكلي وعلى توظيف أبناء وبنات بلادنا، يجب أن تدفعنا للإسراع في وتيرة العمل لتحقيق ما نستحق وينبغي أن نكون عليه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي