مشاريع المطارات الجديدة .. مطار جدة نموذجا

تعتبر المطارات بمنزلة البوابة الرئيسة للدخول إلى عالم الدول العصرية الحديثة.
واهتمت الدول منذ بداية عصر الطيران المدني ببناء أساطيلها وإنشاء المطارات المحلية والدولية، والعناية بمدرجات هبوط وصعود الطائرات، كما كانت الحكومات تهتم بوسائل الراحة في صالات الوصول والمغادرة وتصمم مطاراتها بمزيد من وسائل الراحة والرفاهية.
ولكن في العقدين الأخيرين لم تعد المطارات مجرد أسطول من الطائرات، ومدرجات ترتاح إليها الطائرات في الهبوط والصعود، كذلك لم تعد المطارات مجرد صالات للوصول وصالات للمغادرة، بل أصبحت بمنزلة مدن فارهة تتوافر فيها مجموعة من الفنادق الكشخة والأندية الصحية، ومجموعة من الأسواق الغنية لشراء الهدايا والتحف والمجوهرات والحلويات، وفى المطارات اليوم المقاهي والمطاعم ودور السينما، وفيها أيضاً المراكز التجارية الغنية بأحدث «الماركات»، وفيها مراكز المال والأعمال كي يمارس رجال الأعمال من المطارات أعمالهم ويديرون ثرواتهم كما لو كانوا يجلسون على أريكة في مكاتبهم وشركاتهم الأم. وباختصار المطارات لم تعد محطة للوصول والسفر، إنما أصبحت مدناً للسفر والإقامة ، وتمارس فيها كل الأعمال الطبيعية، فكل وسائل الراحة متاحة، حتى التسلية متوافرة، ولم يعد للسفر عناء.
ونستطيع القول إن المملكة ممثلة في الهيئة العامة للطيران المدني أعلنت أنها خصصت 20 مليار دولار ــ كدفعة أولى ــ للاستثمار في إعادة بناء وتطويرالمطارات السعودية الدولية حتى عام 2020.
وفي هذه المقالة لا نستطيع أن نستعرض كل المطارات التي دخلت في برنامج تطوير المطارات السعودية، لذلك دعونا نتحدث في هذه المقالة عن مطار واحد من المطارات التي بدأت هيئة الطيران تنفذ مشروعها العالمي الكبير، فمنذ عامين ونيف بدأ العمل في بناء مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة، وصمم هذا المشروع العملاق بحيث تتوافر له إمكانات منقطعة النظير في جميع المجالات الفنية والتسويقية والترفيهية والجمالية.
لقد صمم المخطط العام على أن يبدأ تطوير المطار على ثلاث مراحل حتى تصل الطاقة الاستيعابية الكاملة للمطار الجديد إلى خدمة 80 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2035، وستنتهي المرحلة الأولى من هذا المشروع الضخم بنهاية العام المقبل 2014. وعندئذ ستصبح صالة المطار التي صممت وفق أرقى المواصفات الفنية متطورة جداً وقادرة على خدمة 30 مليون مسافر سنوياً مع إمكانية استخدامها لكل من الرحلات الداخلية والدولية، كما سيضم المطار مركزاً للاتصالات، ومحطة قطار حديثة تتصل مع مشروع قطار الحرمين السريع الذي يتم بناؤه الآن متوازياً مع بناء المرحلة الأولى من مطار الملك عبد العزيز بحيث يربط المطار مدينة جدة بالمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، كما تشمل المرحلة الأولى من مشروع تطوير مطار الملك عبد العزيز برنامجاً متكاملاً لدعم البنية التحتية المتمثلة في برج جديد للتحكم في حركة وأنظمة وأجهزة الطيران، وشبكة جديدة من الطرقات داخل أرض المطار وخارجه، وشبكة حديثة للخدمات والمرافق العامة، كذلك تشمل المرحلة الأولى من أعمال التطوير إتاحة الفرص الجديدة لاستثمارات القطاع الخاص، بمعنى أن المرحلة الأولى لعمليات التطوير القائمة ستعزز فرص مشاركة القطاع الخاص في تنفيذ المشروع، وذلك من خلال الاستفادة من الطابع الحيوي (الديناميكي) للمشروع، بما يتيحه من التنوّع والجودة العالية للنشاطات التجارية المختلفة.
الجميل في مشروع مطار الملك عبد العزيز الدولي الجديد أن مجمّع صالات المسافرين التي تقام على أرض تبلغ مساحتها 670 ألف متر مربع، وهي منشأة فائقة التطور بتصميمها الفريد، ستجهز صالات السفر بـ 46 بوابة لصعود الطائرات، تتصل بـ 96 جسراً للوصول إلى صالات الانتظار. كذلك فإن المرحلة الأولى من مشروع تطوير مطار الملك عبد العزيز في جدة تتضمن إنشاء فندق سبع نجوم ومنطقة للأسواق التجارية الحديثة، وإقامة نظام آلي لنقل الركاب يصل بين مركز استقبال الركاب ومركز الرحلات الدولية، وذلك لتسهيل انتقال المسافرين آلياً، كذلك يتضمن المشروع إقامة مركز حديث للمواصلات يضم أحدث وسائل النقل المتنوعة بما فيها محطة قطار متكاملة، وذلك لانتقال الركاب وسفرهم بمنتهى اليسر، كذلك فإن المشروع الكبير يحتوي على نظام متطور لتحميل ومناولة أمتعة المسافرين، يمتد لأكثر من 60 كيلو متراً من سيور النقل المتحركة، وسينفذ ضمن المرحلة الأولى لمشروع مطار الملك عبد العزيز أحدث نظام تقني للتحكم في حركة المرور الجوي، مع برج المراقبة الملاحي بتصميمه الفني المميز الذي يبلغ ارتفاعه أكثر من 130 متراً، وشبكات واسعة من الطرق والأنفاق ومدارج الطائرات، ومرافق ومنشآت متنوعة للدعم والمساندة. وفى ضوء ذلك فإن من المؤمل أن يصبح مطار الملك عبد العزيز الدولي الجديد مركزاً اقتصادياً متطوراً ومعلماً حضارياً بارزاً للممكة، وعندئذ ستصبح جدة محوراً عالمياً في مملكة فتية زاهية تبني ولا تستكثر، تُعلِي ولا تتوقف، تنهض ولا تتراجع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي