حساسية سوق الأسهم في اتجاه واحد

لا شك أن سوق الأسهم بالذات كجزء من سوق المال بتعريفه الشمولي الواسع هو من أكثر الأسواق حساسية في استجابته لكل حدث ذي انعكاس مباشر أو غير مباشر على أدائه. ولذا تجد الأسواق المالية تتأثر بآنية في بعض الأحيان بشكل مفرط، حيث تتباين في التأثر بحسب درجة كفاءتها.
وهذا يفرض على المحللين الماليين دائما تضمين دراسة السوق بشكل عام ومحيطه الاقتصادي الذي يعمل فيه. فلو أخذنا سوق الأسهم كجزء رئيس من سوق المال، فإن التحليل المالي للأسهم ينبغي أن يؤخذ على ثلاث طبقات أو مكونات أولها الاقتصاد لذلك السوق وثانيها القطاع الذي ينتمي إليه السهم وثالثهما الشركة ذاتها. وهذه المكونات الثلاثة ليست بمعزل عن بعضها بعضا فهي مترابطة بعلاقة قوية تفرض الاعتبار المهم لكل واحدة منها دون تقديم لأحدها على الآخر في الأهمية.
وبحكم ما حدث الأيام الماضية لسوق الأسهم السعودي بالذات فإنه من الطبيعي أن يكون للأحداث السياسية أثر في السوق بسبب العوامل المؤثرة على الجزء الأول من مكونات التحليل المالي وهو الاقتصاد بشكل عام. وفي تقديري أن تفاعل السوق على المعلومات المؤثرة ذات العلاقة دليل إيجابي على كفاءة الأداء خصوصاً بما يسمى الكفاءة المعلوماتية، إلا أن الملاحظ في سوقنا هو التوجه إلى الاستجابة بشكل أكثر مع المعلومات ذات الأثر السلبي وبحجم أكبر من التأثر بالمعلومة ذات الأثر الإيجابي. بل إنه في غالب الأحيان يتأثر خصوصاً بالسلبية بأكبر من الأسواق صاحبة المصادر ذات العلاقة المباشرة بالمعلومة السلبية تلك.
ولذا يستوقف المتابع لمثل هذا السلوك وبالتالي التشكيك في الكفاءة المعلوماتية للسوق، حيث إن الاستجابة لا تأتي في سياقها الطبيعي بل تكون منحازة في قوتها أكثر للسلبية أكثر منها للإيجابية. ولقد أجريت دراسات علمية عدة على السوق السعودي من ناحية الكفاءة المعلوماتية ورصدت هذه الدراسات عدداً من الأسباب المؤدية إلى تدني مستوى الكفاءة المعلوماتية، غير أن الأمل ''خلال السنين الماضية على الأقل'' كان إصلاح هذا الخلل الجوهري وترميم هذه التشوهات إذ إن السوق لا يوجد له عذر كي يستقيم معلوماتياً، خصوصاً أن كثيرا من البنى الأساسية التي تدعم هذا الإصلاحات قد أوجدت. إن البطء في وتيرة إصلاح هذه التشوهات سيضر بالسوق ويعمق مفهوم عدم الثقة به، وبالتالي ننتهي بسوق شكلي لا يخدم الاقتصاد، بل سيكون عقبة في طريق نموه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي