اللجان الحكومية المؤقتة ألم يحن الوقت لتنظيمها ومحاسبتها؟

أكثر ما يواجه اليوم عملية صنع، وبالتالي اتخاذ القرار التباطؤ الحاصل في إدارة اللجان المعنية بدراسة أو حل موضوع ما. فعلى الرغم من النشاط وآلية المتابعة وسرعة البت في المعاملات من قبل الديوان الملكي والمؤسسات التابعة له إلا أن ذلك لم يواز في سرعة التفاعل البت في القرارات الملكية وقرارات مجلس الوزراء والديوان الملكي، فعندما يطلب دراسة موضوع ما أو صنع قرار بشأن رفاهية المواطن وتسهيل حياته نجد الجهة التي يوكل إليها إنهاء الإجراء تلت وتعجن وتستغرق الأشهر حتى يلتئم أعضاؤها ثم تناقش الموضوع، ونحن نعرف ما يحدث داخل اللجان من تفاوت في مستوى ثقافة ووعي البعض بأهمية بعض القضايا المهمة.
اليوم ما يسمى باللجان الدائمة هناك تنظيم لها يحدد آلية عملها والإطار الزمني الذي يحدد اجتماعاتها، ولكن اللجان المحددة وغير الدائمة لا توجد لائحة تحدد آلية عملها وطريقة اجتماعاتها والإطار الزمني الذي لا بد أن تنهي فيه الموضوع الموكل إليها دراسته، ولا توجد آلية للمحاسبة فيما لو تقاعست الجهة عن أدائها في هذا الإطار.
هناك تهاون وتقصير من بعض مسؤولي الدولة في عدم إعطاء الجديد الكافي للجان التي تدرس أي موضوع، وأصبحت هناك وصمة ملتصقة بأي موضوع للدراسة ويعرض على أي لجنة على الرغم من أن اللجنة هي آلية من آليات صنع القرار ولا يمكن استبدالها بأدوات أخرى فيما يتعلق بالمواضيع الأكثر عمومية، مع أن هناك أدوات أخرى كورش العمل والندوات والمنتديات والمؤتمرات، ولكن لكل منها هدفه، وهناك ما يمكن أن يطلق عليه فرق العمل إلا أنها قد توجه لبحث الكثير من الأمور التطبيقية والميدانية على عكس الاجتماعات المكتبية.
أود أن أقول إن المشكلة ليست في أدوات صناعة القرار ولكن فيمن يوكل إليه إدارة دفة هذه الأدوات، فمن غير المنطقي والوطني أن يتحكم مسؤول ما في طريقة عمل أي لجنة فيدير دفتها على كيفه وحسب ما يراه وما تسقطه شخصيته من أفكار، ومن غير العدل والنزاهة أن تكون خطابات أو توصيات بعض اللجان في الأدراج لسنين، لأن فلانا من الناس لا يريد مناقشتها في وقت ما لدرجة أن لجانا من عدة جهات لها سنوات لم تعقد إلا مرة واحدة على الرغم من التوجيه السامي كونها تحل بعض قضايا فئة من المواطنين.
المهم لا أجد تبريرا غير أن هذا لون من ألوان الفساد الإداري المتبقي في مؤسساتنا الإدارية، فما المصلحة الوطنية من تعطيل مصالح الناس ما دام هناك رغبة سامية صادقة للتسهيل عليهم وحل قضاياهم؟ ألا ترون أنها نوع من أنواع المساس بالسلم الأهلي وجعل الناس ينتظرون ما تتمخض عنه تلك اللجان من توصيات لسنين لمساعدة متخذ القرار على اتحاذ القرار الأكثر مناسبة وإيجابية؟
هناك فهم خاطئ وقصور لدى أعضاء بعض اللجان، أن اللجان إنما تعقد لكسب المزيد من الوقت وزحلقة المواضيع، وهذا التصور لازم الكثير وما زال يعاني منه البعض، فلو أن الأمر كذلك لما طلب منه المزيد من الدراسة لإثراء صناعة القرار وشموليته وليس العكس وإلا كان بإمكان صاحب القرار ولي الأمر اتخاذ القرار في يوم واحد، ومن المدهش والمضحك في الوقت نفسه وامتدادا لهذا التفكير أن بعض أعضاء اللجان يصبحون وكأنهم محامو نقض، فغالب وقتهم وجهدهم يتركز في الدفاعات ووضع العراقيل والمخاوف والتوجسات لتصل معهم في آخر المطاف إلى اللا حل والعودة إلى مرحلة الصفر بسبب تعنت ومكابرة وعدم الاعتراف والإيمان بأن الدنيا تتغير وأن هناك تجارب دولية وأن هناك آراء أكثر إيجابية وأنها حل وأفضل من اللا حل المهم الخروج من عنق الزجاجة والنظرة إلى الأمور بإيجابية ومصلحة عامة.
أعتقد أن على الدولة أن تتخذ قرارا حاسما لمثل تلك الممارسة الإدارية غير المسؤولة وأن يكون هناك نظام وتنظيم للجان المؤقتة وآليات عملها، وأن تكون هناك محاسبة ويفضل أن تدعم أجهزة الديوان بعناصر مؤهلة ومثقفة وبفرق عمل ميدانية تلتقي وتتابع عن قرب وتقيّم وضع اللجان المؤقتة وتحاسب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي