لائحة التحكيم خطوة منتظرة لتسوية النزاعات
بتاريخ 17/5/1433هـ سنت الدولة نظاماً جديداً للتحكيم يهدف إلى تطوير التحكيم كإحدى أهم وسائل حل النزاعات وخصوصا التجارية منها على غرار ما هو مطبق في جميع دول العالم. وقد تضمن هذا النظام، الذي حل محل النظام القديم الصادر عام 1403هـ، تطويراً كبيراً في الأحكام المنظمة لهذه الوسيلة القضائية الخاصة. ومن المتوقع أن يزيد هذا النظام - بعد صدور لائحته التنفيذية - من إقبال الأفراد والشركات على اختيار التحكيم كوسيلة لحل النزاعات في المملكة نتيجة لما تضمنه من اهتمام كبير وتطوير متقدم في تنظيم هذه الوسيلة ومساندتها في جميع مراحلها وتمكينها بما تحتاج لتسوية الخلافات بسرعة ومرونة.
ولكن وعلى الرغم من مضي أكثر من 18 شهراً على صدور هذا النظام، فإنه لم يتم تفعيله بعد بما يحقق أهدافه؛ بسبب التأخر في الانتهاء من إعداد مشروع لائحته التنفيذية، وربما يعود السبب في ذلك إلى حرص الجهات المختصة على أن تحقق اللائحة في جميع أحكامها وموادها الأهداف والغايات المقصودة من صدور نظام التحكيم، ومن بينها مواكبة المستجدات والوفاء بما التزمت به الدولة أمام المجتمع الدولي بموجب المعاهدات والاتفاقيات الدولية، ومن ضمنها اتفاقية نيويورك الخاصة بتنفيذ أحكام التحكيم الأجنبية.
من المعروف أن الاستفادة الكبيرة من نظام التحكيم الجديد تتوقف على تحقيق متطلباته، ومن أهمها إصدار لائحته التنفيذية والبدء في تطبيقها؛ ولذلك أصبح التعجيل بإنجازها مطلباً مهماً، والأكثر أهمية أن يُراعى في إعداد مشروع هذه اللائحة انسجام أحكامها وموادها التفصيلية والتفسيرية مع الأهداف والغايات التي قصدها المنظم من صدور نظام التحكيم ولاسيما أن هذه اللائحة تمثل المحور المفصلي في النظام وستضمن وضعه على أرض الواقع فضلا عن أنها ستقضي على الغموض الذي ورد في بعض أحكام النظام المتعلقة بشروط هيئة التحكيم، وظهرت حولها تفسيرات مختلفة ومتباينة.
وأود أن أقترح على الدكتور محمد بن عبد الكريم العيسى وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء أن ينظر في إمكانية قيام برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – حفظه الله - لتطوير مرفق القضاء بالإسراع بعقد ورش عمل مع المحكمين والقضاة والمحامين والقانونيين والمهندسين وغيرهم من المتخصصين والمستفيدين من نظام التحكيم لمناقشة مشروع لائحته التنفيذية بهدف ضمان شموليتها ووضوحها وتغطيتها لجميع الجوانب المنظمة لهذه الوسيلة المهمة في تسوية النزاعات وخصوصا التجارية منها، سعياً للاستفادة من هذه الوسيلة ودورها الإيجابي في تشجيع الاستثمار وتعزيز الاقتصاد الوطني.
ولعل من نافلة القول الإشارة إلى وجود عدد كبير من الخبراء والمتخصصين السعوديين في مجال التحكيم، ومنهم من قدم بحوثا علمية محكمة، واستشارات لدول أخرى لتطوير قوانين التحكيم في تلك الدول، ويحرص على أن يسهم في خدمة بلده في تطوير اللائحة التنفيذية لنظام التحكيم متى ما تحققت له الفرصة في القيام بذلك، وينتظر دعوته للمشاركة أو رؤية إعلان عن عقد ورش عمل لمراجعة هذه اللائحة المؤمل منها أن تكون خطوة نوعية متقدمة في تاريخ تطوير التحكيم في المملكة.