ديربي صناعة التاريخ
كثيرة هي الأوصاف التي يمكن أن تطلق على الديربي القادم بين النصر والهلال، لكن لا أعتقد أن هناك وصفاً أبلغ وأدق من ديربي صناعة التاريخ، ليس لأنه تنافس يدخل ضمن اللقاءات التاريخية التي تسجل كنتيجة بين الغريمين التقليديين فحسب، وليس لأنه يحظى بمتابعة جماهيرية تتجاوز حدود كل ما هو محلي، ولكن لأنه يتجاوز هذا الأمر إلى عدة أمور تدخله في نطاق التاريخ المتعدد.
أول هذه التاريخيات الجديدة تنطلق من تحدي رئيس النصر الأمير فيصل بن تركي الذي يطمح إلى كتابة التاريخ من جديد عبر إعادة فريقه لمنافسات من عيار النفس الطويل لطالما غاب عنها النصر سنوات كثيرة، وفي الطموح ذاته هو إصرار من نوع خاص في مرحلة مهمة من تاريخ سامي الجابر المدرب، الذي يريد أن يوقف تقدم النصر بفوز مهم ومؤثر يعيد ترتيب اللعبة النفسية من جديد، وليؤسس لاحترام المدرب الوطني حتى وهو يتأخر عن النصر بتسع نقاط.
صناعة التاريخ الجديد بين النصر والهلال الآن ليست كسابقتها المألوفة التي تتكرر سنوات وسنوات بين ماجد والنعيمة أو بين الهريفي والثنيان أو بين عبدالرحمن بن سعود وعبد الله بن سعد رحمهما الله، كل هذه الأسماء الكبيرة اعتدنا دائماً على أن تبقى حاضرة في المشهد التنافسي كنجومية وتأثير متوقع من كل المتابعين في نتائج الأصفر والأزرق.
صناعة التاريخ تنتظر هذه المرة أن تفتح سجلاتها لمهاجمين يتنافسان على صدارة الهدافين، ولدوري لم يحسم بعد، ولجماهير ما زالت تترقب بكل حواسها وحضورها انطباق مواصفات البطل على المتنافسين التقليديين، سواء كان النصر الذي تصدر وأبهر ولا تزال حظوظه أقرب من الناحية المنطقية، أو الهلال الذي لا يمكن أن يستكين إلى آخر لحظة، فمن الممكن أن يحسم الدوري بشرط أن يفوز في جميع لقاءاته المتبقية مع تعثر النصر في مثلها.
إن صناعة التاريخ الجديد أيضاً ستسجل سابقة جديدة في لغة الأرقام، حيث لم يسبق لفريق أن فاز في ثلاثة لقاءات متواصلة في الدوري.. كل هذه الأرقام الجديدة وصناعة التاريخ الفردي والجماعي والجماهيرية الكبيرة والتنافس التهديفي تجعلني أؤكد أننا أمام ديربي يصنع تاريخاً لا يمكن أن يليق إلا ببطل يستحق أن تفرد له صفحات تاريخية احتفاء به وبرئيسه ومدربه ولاعبيه وأرقامه وجماهيريته.