المهنية .. اختبار قدرات

سأبدأ هذه المساحة بما انتهيت إليه في مقالي السابق عندما قلت إن التعصب الجديد الذي لم يعد يستثني أحداً ينتمي للوسط الكروي والإعلامي والوظيفي يتطلب في أول خطة مهمة الالتفات إلى مصدره الرئيس الذي قدم مهنيته بشكل مؤسف للوسط الرياضي ولو من باب إيقاف ترخيص التعصب الكروي الصادر منه بواسطة الجهة الرسمية التي أصبحت تقف أمام هذا المد المتعصب الذي بدأ يخرج عن مسار التنافس المعهود والعقلانية اللازمة دون أن تتخذ خطوات محاسبة تبدأ بلفت نظر هذا الإعلامي المجاهر الذي تخلى عن مهنيته المطلوبة، لتعيده إلى سياق الموضوعية التي أصبحت مطلباً في زمن أصبح فيه المشجع والكاتب والإعلامي والمغرد سواسية في رفع شعار الفريق المفضل؛ الكل يتباهى بميوله في المدرج أو عمود المقال أو في المكتب أو حتى وهو يرتشف قهوة المساء على حسابه في "تويتر".
الآن وبما أن الأغلبية أصبحت تنتمي لفصيلة المشجع الذي لا يتوانى عن دعم فريقه في المدرج مع كامل الاحترام والتقدير لما يقوم به، فقد آن الأوان لننتقل إلى خطوة مهمة تعزز خطوات إيقاف تراخيص التعصب التي أصبحت تمنح لمن أراد أن ينتمي إلى الإعلام حتى لو كان مهندساً أو طبيباً أو معلماً دون أن يتوافر لديه سيرة ذاتية ورصيد كاف يستوعب من خلاله دورة العمل الصحافي وأدبيات المهنة الإعلامية التي تجعله يفرق بين ما ينشر وما لا ينشر، وبين ما يكتب وما لا يكتب، وبين ما يغرد به وما يقبل "الرتويت".
هذه الخطوة المهمة تتمثل في إيقاف تجاوزات هؤلاء الذين لم يعد بمقدورهم كبح جماح ميولهم داخل عملهم، عبر اشتراط ترخيص المهنية الذي يجب أن يخضع له ذلك الصحافي الضالع في التعصب قبل حديث العهد به، ومقدم البرنامج المشجع الذي أصبح برنامجه تلبية لما يطلبه المتعصبون قبل غيره، وتلك الصحيفة التي أصبحت تحتفل بعشرات السنين على تأسيسها وهي تهيم بذلك الفريق وتقدم الدعم اللازم له.
لا أبالغ فيما أقول، ولدينا نماذج على أعلى درجات المهنية والمسؤولية نفخر بهم في الوسط الإعلامي الرياضي، لكن الحقيقة المؤلمة التي يجب أن نتوقف عندها أصبحت تشمل شريحة كبيرة من الإعلاميين الذين يجب أن يخضعوا لاختبار قدرات المهنية وكشف الحساب، فهم اختاروا طواعية القفز على ثوابت العمل وتجاوزوا أدبيات المسؤولية المهنية وضربوا أبجديات دورة العمل في الصحيفة أو القناة عرض المدرج، ومن حق الجهة المعنية وسط كل هذا التجاوز أن تختار المهنية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي