حماية الوطن خط أحمر

استمرارا لمنهج الطرح المتكامل لأهمية حماية الوطن ومكتسباته من أي اعتداء أو إساءة وفي ضوء ما صدر خلال الفترات الماضية من أنظمة وتوجيهات توضح وتؤكد على أهمية حماية استقرار ولحمة واستثمارات الوطن الإنسانية والمكانية وتحافظ على موقع ومسؤولية المملكة بين دول العالم لأنها مهبط الوحي والممثل الشرعي للإسلام المعتدل، كما أن مثل تلك القرارات والأنظمة تؤكد أهمية حماية الوطن من بعض الآثار السلبية لبعض التصرفات والأفعال والأقوال التي أصبحت تؤثر في موقف المملكة في السياسة الخارجية وتعمق الفرقة والجرح في الداخل وربما لا سمح الله تقود إلى خلق الفرقة والاقتتال في الداخل لتداخل المفاهيم والتوجهات بين الشباب وبعض قادة الفكر الذي ينحو منحى استغلال طاقات الشباب بما يحقق أهداف وطموحات وأطماع أصحاب تلك الأفكار والرؤى الهدامة التي تأخذ بمنهج الشيطان نموذج لها في قوله تعالى :”كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين، فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين”.
إن هذه القرارات وغيرها كثير كان يجب أن تأتي بعد أحداث الاعتداء الآثم على الحرم المكي الشريف لأن تلك المرحلة وما صاحبها من أحداث اعتبرت مرحلة مفصلية ومهمة في تأثيرها السلبي في فكر الشباب وانخراط البعض منهم في الأعمال الجهادية التي كان ظاهرها الجهاد في سبيل الله وباطنها استغلال عصابات التدمير والحرب للشباب السعودي وغيرهم من شباب العالم والتي استمرت حتى يومنا الحاضر، كما هو حادث في العراق وسورية واليمن وقبلها أفغانستان والشيشان وغيرها من دول العالم. ولعل ما ينقله بعض العائدين من تلك الدول من تعرضهم للتغرير بهم واستغلالهم وتهديدهم وغير ذلك مما يفضح السلوكيات المشينة لتلك العصابات الإجرامية.
إن مثل هذا التحرك وهذه القرارات وما يجب أن يتبعها من تنظيمات شاملة تعالج المشكلة من جذورها يجب أن يتم التعامل معها وتفعيلها بشكل مباشر وحازم حتى لا يعتقد البعض أنها ردة فعل تنتهي بانتهاء الحدث المؤقت أو الفعل المسبب لها، كما يجب في نفس الوقت تطوير منظومة متكاملة من الأنظمة والإجراءات والأدوات التي توضح للجميع وخصوصا الشباب أهمية حماية الوطن ومكتسباته وسمعته ومكانته المحلية والإقليمية والعالمية من كل الأقوال والأفعال والتصرفات والمواقف التي تسيء له ولأهله وأن لا يكون أي مواطن سببا في الإساءة لوطنه بسبب تلك التصرفات خصوصا أن العالم اليوم يتكالب علينا يشكل مباشر وغير مباشر وأي تصرف أرعن من أي أحد منا سوف يعطي الفرصة لأعداء الوطن والدين من المرجفين أن يستغلوا ذلك ضد المملكة العربية السعودية بكل الأشكال والوسائل المشروعة وغير المشروعة.
وكما ذكرت في مقال سابق أن مثل هذا الطرح يتطلب جهودا مضنية في كل المستويات وعلى كل الأصعدة حتى نحقق النمو والازدهار والرقي لوطننا الغالي المملكة العربية السعودية، لأن وحدة هذا الوطن مع ترامي أطرافه هي أقرب للمعجزة التي وفق الله سبحانه وتعالى الملك عبد العزيز ورجاله المخلصين - رحمهم الله - جميعا على تحقيق وحدة وتم العمل خلال عقود من الزمان على الدفع به نحو العالم المتحضر، هذا الدفع يتطلب معجزة توازي أو تزيد على معجزة التوحيد وهي المحافظة عليها وتطويرها بكل الوسائل وبتضافر كل الجهود وعدم السماح لمن يحاول فك أو إضعاف هذه الوحدة التي بنيت على “شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله”، واشترطت أن كل مواطن فيه مسلم، و هي نعمة عظيمة إذا عرفنا وأدركنا كل ما يحمله هذا الفكر من بعد تنموي ديني مؤمن ومتمسك وراض بحماية الله سبحانه وتعالى له، فعلمه لا ينكس وشعبه جميعهم مسلمون وقيادة تدفع نحو التطوير المنضبط بالكتاب والسنة التي جعلها المشرع المرجعية لكل بناء، ولهذا فإن حماية هذا الوطن ووحدته من شر كل بائع لوطنه ومن كل الأخطار المحيطة بنا أمر واجب علينا جميعا، الكبير والصغير، الرجال والنساء، المتعلمون وغير المتعلمين، وأي ضعف أو تخاذل من أي واحد منا سيكون السبب في دمار هذه الوحدة المتميزة.
إن وطننا اليوم في أمس الحاجة إلى تضافر جهود أبنائه على كل الأصعدة والمحافل خصوصا أن العالمين العربي والإسلامي ينظران للمملكة العربية السعودية على أنها الأقدر بعد توفيق الله سبحانه وتعالى على تقديم النموذج العربي الإسلامي المتزن والمتفق مع قول المصطفى عليه الصلاة والسلام “إن هذا الدين صالح لكل زمان ومكان”، هذا الصلاح يكمن في تقديم النموذج والقدوة السعودية العربية الإسلامية ذات الطموح العالمي في كل المجالات السياسية والاقتصادية والبيئية والعمرانية والإنسانية ونحن في المملكة العربية السعودية نملك كل تلك المقومات التي تحقق ذلك بإذن الله سبحانه. وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وأن يجعل عملنا شاهدا لنا لا علينا يوم لا ينفع مال ولا بنون.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي