دفاع الدول عن إرهاب المصارف
لا أفهم ضجيج الاحتجاجات الذي يثيره ضحايا الإرهاب والقتل والإجرام. كما لا أستوعب تذمر ضحايا القتلة والسفاحين حين تسهل تنقلات أموال من أرهبهم وقتلهم، أموال تجنى منها عمولات طائلة تمكننا من التوسع والانتشار. وما الضير من بضع مئات الآلاف يسقطون قتلى دون ذنب ارتكبوه. وما المانع من إشعال دول العالم بالحروب الأهلية، والنزاعات الطائفية والحروب العبثية، دعهم يذهبون للجحيم، فلا فائده ترجى منهم على أية حال. المهم أن نتكسب من تخلفهم وجهلهم وعدم إدراكهم مصالحهم في التنمية والحضارة. ثم ما هذه القوانين الدولية التي تحاصر غسل الأموال وتمويل الإرهاب؟ هل فقدتم عقولكم؟ هل أصابكم ضرب من الجنون؟ ألا ترون الأموال التي يمكن أن نجنيها من التعامل مع الإرهابيين؟ دعونا وشأننا ولا تتدخلوا في أعمالنا ومصالحنا، فنحن أدرى بها، أما ضحايا الإرهاب فليذهبوا للجحيم. هذا لسان حال رؤساء الدول والحكومات الذين يدافعون عن سفالة مصارفهم ذات الأصول التريليونية، التي انغمست في تعاملات غسل الأموال وتمويل الإرهاب إلى النخاع.
ما الخير الذي يرتجى من رئيس دولة أو حكومة يخرج جهارا نهارا على وسائل الإعلام ليتذمر من فرض الغرامات على مصارف تنتمي لدولته وثبت انغماسها في عقد الصفقات مع الدول والمنظمات الإرهابية. مصارف أقرت بالكذب والتزوير والإجرام. مصارف سهلت تنقلات أموال دول تدعم وتخبئ الإرهابيين. مصارف مارقة مجرمة منحطة يقوم على إدارتها أراذل البشر. رؤساء الدول هؤلاء أنفسهم يعلنون محاربتهم للإرهاب، وواقع الحال يشير إلى أنهم يدعمونه من خلال أدواتهم الاقتصادية. رؤساء الدول والحكومات هؤلاء ليسوا سذجا أو أغبياء، لكنهم متيقنون أن ضحايا الإرهاب من الضعف ما يجعلهم يخافون الاجتجاج حتى ولو بصوت خافت. فقط الولايات المتحدة هي التي وقفت في وجه سوء فعل هذه المصارف المجرمة. لا توجد دولة أخرى تجرأت على فتح هذا الملف، على الرغم من أن كل دول العالم تدعي السيادة المطلقة على أراضيها.
سيادة الدولة تعني الدفاع عن حياض كل ما يمس أمنها، سيادة الدول تعني لجم كل ما يمارس على أراضيها ويتعارض مع قوانينها. سيادة الدول تعني الضرب بيد من حديد كل عمل أو فعل يستغل من أعدائها وعلى رأسهم الإرهابيون الذين يعادون البشر قاطبة. كيف يسكت عن مصارف اعترفت بإجرامها؟ ما زال الانتشار الدولي واقع حال كل المصارف التي مولت وغطت على تعاملات الدول والمنظمات الإرهابية، "إتش إس بي سي" قدم غطاءات للتحركات المالية لتجار المخدرات في المكسيك، ولم نر تحركا من الحكومة المكسيكيه ضد "إتش إس بي سي" إلى هذه اللحظة، والأمثلة كثيرة لدول أخرى وقع الجرم على أراضيها، بعضها تقع في منطقتنا، ولم نسمع عن أي تحرك ضد هذه المصارف.
إن دفاع رؤساء الدول والحكومات عن المصارف الإرهابية التي تنتمي إلى دولهم عمل عدائي موجه إلى كل ضحايا الإرهاب والقتل في العالم. والأجدر برؤساء الدول والحكومات هؤلاء لجم مصارف دولهم ومحاكمة القائمين عليها بتهمة الإرهاب. لا يمكن أن يؤمن جانب من يدافع عن الباطل مهما كانت الذرائع والمسببات والدوافع. كما ينبغي على الدول المتضررة من الإرهاب الاحتجاج على مثل هذا الدفاع المريض والمشبوه. لا بد للدول التي تتعرض للإرهاب أن تمارس سيادتها وأن تبدأ في معاقبة وملاحقة كل المصارف الإرهابية التي سهلت تحركات أعداء الإنسانية. لم يكن للإرهاب أن ينتشر وينمو من فراغ، هناك عناصر تغذي وتدعم عوامل النمو الشرير. لا بد من قطع دابر الشر قبل أن يقطعنا.