المصانع الصغيرة وأزمة الترخيص

لن نحتاج إلى الإشادة بجهود هيئة المدن الصناعية "مدن" منذ تولي الدكتور توفيق الربيعة مهام وزارة التجارة والصناعة، لأن إنجازات الوزارة واضحة وضوح الشمس للجميع، وقد وضع الوزير نصب عينيه تعيين القيادات الشابة في جميع قطاعات الوزارة، ومن هذه القيادات الشابة صالح الرشيد مدير عام الهيئة، الذي لمست بنفسي نتائج جهوده في تطوير المدن الصناعية. إلا أن إبراز المعضلات والعوائق التي ما زالت تعترض القطاع الصناعي في المملكة أمر مهم، لما لهذا القطاع من تأثير كبير على النمو الاقتصادي للمملكة.
بعد جهود حثيثة من الوزارة، أصبح استخراج السجل الصناعي المبدئي لا يستغرق سوى ساعات إلكترونياً، وقد سهل هذا الأمر على الكثير من المستثمرين الصناعيين الكبار والمتوسطين إجراءات التقديم على الأراضي الصناعية في هيئة المدن الصناعية، إلا أن هناك قطاعا مهما ما زال يعاني أزمة كبيرة في استخراج التراخيص اللازمة. إن قطاع الصناعات الصغيرة التي يراوح رأسمالها بين مليون ريال إلى ثلاثة ملايين ظل خارج دائرة تسهيل الإجراءات والتراخيص الذي تنتهجه وزارة التجارة والصناعة. فمعظم هذه المشاريع لا تحتاج إلى أرض صناعية في المدن الصناعية، لأن بناء هذه الأراضي سيستهلك معظم رأسمال المشروع، وقد أوجدت هيئة مدن حلاً عبر بناء المصانع الجاهزة، التي تؤجرها الهيئة على منشآت القطاع الصناعي الصغيرة بمبلغ 250 ألف ريال سنوياً، ومع محدودية هذه المصانع الجاهزة، إلا أن إيجارها يعتبر مرتفعا مقارنة بالمناطق الصناعية الأخرى التابعة للبلديات، أضف إلى ذلك بعد المدن الصناعية عن الأسواق التي تستهدفها هذه الصناعات. إننا نتحدث هنا عن مصانع الصناعات البسيطة كمصانع التغليف والمنتجات الورقية والبلاستيكية، وهذا النوع من الصناعات له حساسيته الخاصة من ناحية التكاليف والموقع. وعادة ما يلجأ أصحاب هذه المشاريع إلى الاستئجار في المناطق الصناعية التابعة للبلديات، لبعد المدن الصناعية تارة، ولعدم كفاية رأسمال المشروع للبناء تارة أخرى، ناهيك عن أن الفرق بين إيجار المصانع الجاهزة التابعة لمدن وإيجار الهناجر في المناطق الصناعية التابعة للبلدية يصل إلى 50 في المائة لصالح الأخيرة، إذاً أين المشكلة؟
المشكلة تكمن في امتناع البلديات عن إعطاء تراخيص لهذه المصانع، بحجة أن هناك اتفاقية بين البلديات وهيئة مدن بعدم إعطاء التراخيص للمصانع خارج المدن الصناعية، بينما، - والكلام هنا للبلديات - لا تمانع البلدية من إعطاء ترخيص لنفس النشاط بكافة تفاصيله تحت مسمى معمل! وهنا أسأل، لماذا الإصرار على هذه المسميات، بينما النشاط هو ذات النشاط؟ ألا تجد وزارتا الشؤون البلدية والقروية ووزارة الصناعة أن هذا يعطل نمو هذه الفئة من المصانع؟ وتحت هذا المسمى، لا تستطيع هذه المصانع الصغيرة الاستفادة من مميزات المصانع كالإعفاءات الجمركية وتأييد العمالة. أتمنى أن تضع الوزارة المعضلات التي تواجه هذه الفئة من المصانع نصب عينيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي