فلسفة «أرامكو»

منذ تأسيس شركة أرامكو السعودية منذ أكثر من 80 عاما وهي تمثل نقطة ارتكاز للاقتصاد السعودي، فشركة أرامكو تدير 20 في المائة من احتياطي النفط العالمي، وهو المصدر الرئيس لدخل السعودية. قصة "أرامكو" تختصر الكثير من اقتصاد المملكة، فكما ظل النفط هو المصدر الرئيس لتمويل اقتصادنا، تفردت شركة أرامكو بالصدارة في كثير من الجوانب. فقد قامت الشركة بتأسيس المدارس في مدن المنطقة الشرقية، وابتعثت آلاف الموظفين للدراسة في الخارج، كما أن قرار الشركة بالتعامل مع الشركات الأجنبية عبر شريك سعودي كان هو القرار الصانع لمعظم عناصر القطاع الخاص في المملكة، معظم الشركات الخاصة الكبيرة كانت لها قصة مع "أرامكو"، وكانت "أرامكو" هي نقطة التحول الإيجابي في تاريخ هذه الشركات. أخيرا، اعتمدت الدولة على شركة أرامكو في بناء عدة مشاريع حيوية، كجامعة الملك عبد الله، وعدد من المدن الرياضية، كما أسست الشركة شركة أخرى لتقدم الدعم المالي واللوجستي للمنشآت الصغيرة و المتوسطة باسم شركة واعد لريادة الأعمال المحدودة، وهي فكرة رئيس الشركة السابق ووزير الصحة الحالي خالد الفالح.
ما جعل من شركة أرامكو مثالا للإنتاجية العالية كما وكيفا هو القانون الذي أعطى "أرامكو" صفة اعتبارية مستقلة وذات صلاحيات واسعة في الأعمال التي تناط بها سواء تلك التي تصب في صلب اختصاصها النفطي أو في مجالات تنموية أخرى. اليوم نحتاج إلى صناعة "أرامكو" أخرى، ولن تكون هناك "أرامكو" أخرى إلا من خلال توفير الأرضية القانونية التي من خلالها نستطيع إيجاد أرضية صلبة للإبداع. اليوم تدار "أرامكو" بسواعد وطنية، لا يختلفون عن نظرائهم من المهندسين والفنيين الذين يعملون في الشركات الحكومية أو شبه الحكومية الأخرى، الأمر الوحيد الذي يختلف هو الإطار القانوني الذي تتمتع به "أرامكو".
اليوم تمثل الهيئة الملكية في الجبيل بكل إنجازاتها والمؤسسة العامة لتحلية المياه أرضيات خصبة لقيام كيانات أخرى كـ "أرامكو" تقدم للبلد الكثير وتتقاسم العبء مع شركة أرامكو، بشرط إعطائها الكيان القانوني نفسه الذي تتمتع به شركة أرامكو، وتطعيم فريقها الإداري بكل مستوياته الإدارية بكفاءات من "أرامكو". من يعملون في "أرامكو" اليوم ليسوا سحرة أو منجمين، بل مواطنون سعوديون مثلهم مثل البقية، ما يميزهم هو الإطار التنظيمي الذي يعملون من خلاله، والذي يسمح لهم بالتعلم والإبداع. إذا أردنا صناعة "أرامكو" أخرى فالخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي وضع الإطار القانوني والتنظيمي الذي يسمح لهم بالتعلم والإبداع.
شركات القطاع الخاص أيضا تستطيع تحقيق ذلك وبشكل أسرع لتحررها من القيود البيروقراطية. هناك شركات عالمية كثيرة استطاعت تحقيق أعلى معايير الجودة والأداء والإبداع والرضا الوظيفي كشركة Apple وGE وUPS بالطريقة والفلسفة نفسها، أي من خلال إطار قانوني وتنظيمي يسمح للموظفين بتحقيق الإبداع والتميز.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي