المملكة وطن يستوعب الجميع

الأحداث المؤلمة التي شهدتها المملكة هذه الأيام، والتي من ضمنها حادث التفجير الإرهابي الذي قتل الأبرياء، ونتج عنه أعداد من المصابين في القديح، في مشهد يعكس حالة من اليأس من أجل جر المجتمع السعودي إلى وحل أزمة طائفية تفكك اللحمة الوطنية، التي عملت عليها الحكومة، من أجل أن تبرهن على أن هذا الوطن يستوعب الجميع، ويعامل كل مواطن ومواطنة فيه معاملة متساوية لا تفريق فيها بين مواطن وآخر بأي سبب كان؛ فالجميع سعوديون أبناء هذا الوطن المعطاء الذي استوعبهم جميعا، دون تفريق فيما بينهم في الحقوق والواجبات والمسؤوليات، فالنظام الذي تقوم عليه هذه البلاد نظام العدل والقسط المقتبس من كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم. هذا الحادث الأليم يؤكد حالة اليأس التي يعيشها أعداء هذه البلاد، الذين يحيكون لها المؤامرات، لقد كانت المملكة شوكة في أعناقهم أمام مخططاتهم التوسعية التي ترقص على آلام ومعاناة الشعوب وأبناء هذه الأمة عربا ومسلمين، من أجل أطماع تاريخية كان قادة هذه الأمة منذ الخلافة الراشدة إلى حكام هذه البلاد لها بالمرصاد.
حيلة العاجز البحث عن أي وسيلة للخروج من فشله وخسائره إلى السعي لأن يعيش الجميع معاناته. لقد كانت هذه البلاد حكومة وعلماء وشعبا مثالا للوسطية، ولذلك لم يتمكن أي طائفي أو متطرف من أن يجد له حاضنة في هذه البلاد المباركة، ولذلك فإن الحيلة للعاجز هي إحداث مثل هذه الأزمات لعلها توقد نار الفتنة التي حرس الله هذه البلاد منها، بل جعل كل أزمة سببا في إبراز مظاهر التضامن بين أبناء هذا الوطن، حيث تأتي في وقت يشهد هزائمهم وتساقط مشاريعهم الفاشلة التي سعت إلى تفكيك الأمة، وزرع الفتنة واتخاذ القتل والتدمير وسيلة لثني المخلصين من التقدم في إصلاح حالة الضعف التي تشهدها الأمة والخروج من مستنقع الوحل الذي أسقطها هؤلاء المغرضون فيه.
عجيبة مواقف المجموعات المتطرفة؛ فالعالم يشهد أن المملكة تعد نموذجا عصريا في تطبيق الشريعة، وواجهت بسببه كثيرا من التحديات، ولكن التزام حكام هذه البلاد بكتاب الله وسنة رسوله، جعلهم يواجهون مكر ومكائد الكثير في هذا العالم لتمثل هذه البلاد صورة الصفاء في أحكامها وتشريعاتها، وهذا ببساطة يجعل كل من يرى أن الواجب تطبيق الشريعة في بلاد المسلمين يسعى إلى حماية هذه البلاد من أي مؤامرة، لكن وجود مجموعات تدّعي صفاء نيتها لنشر شرع الله تعمل بسرية وتحتضن المغرر بهم من كل بلاد العالم شرقه وغربه استطاعت أن تقنعهم بالعمل على زعزعة الأمن في المملكة، رغم أن هذه المجموعات لا تمارس أي نوع من العدائية لمن هم فعلا أعداء لهذا الدين وللاستقرار في بلاد المسلمين، بل على النقيض من ذلك فإنهم يسعون إلى تنفيذ مخططاتهم التي وفق الله حكومة خادم الحرمين الشريفين والمخلصين في هذه البلاد لإحباطها ووأدها في مهدها.
لا شك أن هذا الحادث الأليم في القديح رغم الألم إلا أنه أظهر التلاحم بين أبناء هذا الوطن، وأحبط مكر الأعداء؛ فالعزاء لذوي المتوفين وأقاربهم، وهذا الحادث يزيد من إصرار أبناء هذه الوطن للسعي لوأد كل فتنة، وكما هو معلوم أن مخططي هذا التفجير لا يخفون كراهيتهم لأبناء هذا الوطن سنة وشيعة، وقد شهد وقائع قتل أبناء هذا البلد من رجال الأمن وغيرهم في ادعاء منهم بأنهم كفار خارجون عن الملة لا يمكن معه أن ينسب لهؤلاء فكر علماء هذه البلاد، ولا للإرث الثقافي لعلماء المسلمين الذين اقتبسوا من أقوالهم كلاما في غير سياقاته الصحيحة، وبنوا عليه وضخموا ما يحقق لهم مآربهم التي لا تتسق مع وسطية وسماحة الإسلام.
حمى الله هذه البلاد وأهلها من كل متآمر مغرض حاسد لا يسعده ما نعيشه من أمن ورخاء واستقرار، نسأل الله أن يديمه على أبناء هذا البلد وحكومته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي