سوق الأسهم والرفاهة المعيشية

ما علاقة سوق الأسهم في بلد ما ومستوى الرفاهة المعيشية ؟

في دراسة حديثة لمركز الأبحاث Citi Research قام الباحث برصد العلاقة بين الناتج الإجمالي المحلي للفرد GDP/Capita والقيمة السوقية لسوق الأسهم بالنسبة للناتج المحلي الإجمالي Market Cap/Capita وقام برسم منحنى بياني من الأرقام الناتجة، ووجد أن المنحنى يتجه إلى الأعلى في الجهة اليمنى - أو مسار صاعد.

بمعنى أن العلاقة بين الناتج المحلي الإجمالي وحجم سوق الأسهم في بلد ما علاقة طردية، واستنتج أنه من مصلحة الدول أن تشجع نمو أسواق الأسهم فيها من خلال الخصخصة ونشر حصص الملكية على عدد أكبر من الشرائح الاقتصادية.

وأظهرت الدراسة عدة نتائج شيقة منها، أن سويسرا جاءت في المقام الأول من حيث الرفاهية (مقاسة بمستوى الدخل الفردي كنسبة من الناتج المحلي)، تليها هونج كونج والولايات المتحدة ثم بريطانيا وكندا واليابان وكوريا.

رقميا كانت النسبة عند سويسرا 160 في المائة - أي أن حاصل القيمة السوقية بالنسبة للناتج المحلي هي 160 في المائة وبالعربي البسيط فإن حجم التخصيص والشركات المساهمة ضخم والأصول والموارد الوطنية غير متمركزة في القطاع العام.

هناك ثلاث نقاط يجدر ملاحظتها في الإنتاج العام للدراسة.

أولا: استخدام الناتج الإجمالي المحلي كمقياس لرفاهية الفرد ما زال محل جدل كبير بين علماء الاقتصاد والاجتماع، خاصة في الدول النامية والناشئة التي تتسع فيها فجوة الثراء والفقر (مؤخرا الفجوة متسعة في الولايات المتحدة).

ثانيا: رغم أن فكرة وفلسفة الربط بين المعاملين جيدة ومثبتة في عدد من الدول إلا أن هناك دولا أخرى تقع خارج نطاق المنحنى في الإحداثيات (الأعلى لليسار: رفاهية قليلة وخصخصة عالية) مثل النرويج وقطر، حيث قطاع الطاقة لا يزال بيد الدولة. وهناك جولة جنوب إفريقيا (الأسفل الوسط: رفاهية جيدة نسبيا وخصخصة منخفضة جدا)، حيث قطاع التعدين نشط والدولة تمتلك أصولا ضخمة خارج البلاد.

ثالثا: لكي ينجح هذا القياس في عكسه لرفاهية المواطن يجب أن يتحلى القطاع العام والخاص بالنزاهة والدقة والكفاءة في إدارة الموارد وتوزيع الثروات على الأقل بشكل نسبي، فلا جدوى من خصخصة القطاعات الضخمة مثل النقل والتعليم والصحة لو استمر سوء الإدارة والتوزيع على ما هو عليه.

ومن مزايا الخصخصة تحسين توزيع الثروات وارتفاع مستوى الشفافية وانتشار الفرص من خلال أسواق المال، حيث يستفيد المتداولون من تعدد الفرص وبشكل مرن يسهل فيه الدخول والتداول والربح.

ويشير التقرير عموما إلى أن عملية التخصيص لعبت دورا رئيسا في تنشيط أسواق الأسهم والملكية العامة، خاصة في الدول الناشئة ذات التاريخ والنموذج الاشتراكي socialist.

وأختم المقال بأطيب التمنيات للقراء الكرام بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك غدا، أعاده الله على الأمة الإسلامية والبشرية جمعاء بالخير والرفاهة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي