النقل العام وتخفيف مشكلة غلاء الإسكان

لا جدال في غلاء السكن. ولا في أهمية النقل العام، وخاصة داخل المدن أو بينها وضواحيها وأريافها. وقد زادت هذه الأهمية كثيرا مع توسع المدن وازدحام شوارعها. وقد خطت بلادنا بحمد الله خطوات ملموسة في تطوير هذا النوع من النقل. على رأس ذلك مشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض، الذي تبنته الهيئة الملكية لمدينة الرياض.

للنقل العام دور حيوي في دعم النشاط العقاري. وقد وجدت عدة دراسات أجريت على مدن غربية كبيرة أن النقل العام له تأثير إيجابي في أسعار السكن وإيجاراته، حيث إنها ترتفع ولكنه بسيط بين 3 و5% كلما كان السكن أقرب إلى محطات النقل العام، بشرط عدم مجاورة محطات النقل العام، فإنه يحدث العكس. والرغبة في السكن في موقع ليس ببعيد عن محطات النقل العام تزيد لدى ذوي الدخل المحدود.

ما سيق يعطي إشارة إلى أنه يمكن الاستفادة من النقل العام لتخفيف غائلة غلاء أسعار العقارات والإيجارات داخل المدن الكبيرة، وخاصة على ذوي الدخل المحدود. لكن كيف؟

الخطوة الأولى تخطيط أحياء وتوفير البنيات الأساسية فيها، وتكون مواقعها في الخارج ولكن قرب الحدود الرسمية للمدن الكبيرة كمدينة الرياض، بحيث يكون بعدها عن حدود المدينة لا يزيد على عشرات الكيلومترات. تخطط هذه الأحياء على أساس الترخيص ببناء أو تملك أو استئجار مساكن أغلبها صغيرة متجاورة أو ما يسمى الواحد منها تاون هاوس Townhouse.

مساحة المسكن الواحد في حدود 200 م2، تزيد أو تنقص قليلا. ونصف المساحة تقريبا لبناء طابقين وربما أيضا قبو وملحق بالسطح. ويخصص قرابة ربع مساحة القطعة لموقفين للسيارات، والباقي حديقة صغيرة. وتطبق طبعا سياسات الدعم على هذه المساكن. ومتوقع جدا أن يكون سعر متر الأرض أقل كثيرا من متوسط السعر داخل المدن الكبيرة.

الفكرة السابقة ليست جديدة بل مطبقة في أرياف المدن الغربية الكبيرة والمتوسطة. وهي تجعل الإيجار أو التملك في قدرة كثيرين ممن يصعب جدا عليهم الاستئجار أو التملك لسكن مشابه داخل مدينة كبيرة.

توفر خدمات نقل عام موسعة بين تلك الأرياف وداخل مدننا الكبيرة. ويكون سعر التذكرة للتنقل المفتوح طيلة ساعات عمل النقل العام في حدود 300 ريال شهريا. هذا السعر للتذكرة أقل كثيرا من تكلفة استخدام السيارة الخاصة. خلاف مميزات أخرى مثل تقليل عدد السيارات التي تدخل من الضواحي إلى مدينة الرياض مثلا، ولهذا للتقليل منافع، كتخفيف الزحام المروري داخل الرياض.

هذا التوفير للنقل العام المرغوب في استخدامه يعمل على زيادة إقبال الناس وخاصة ذوي الدخل المحدود على تلك الأرياف. طبعا توفر في تلك الأرياف البنية التحتية الشاملة.

مساحة مدينة الرياض رسميا قرابة 2000 كم2، بطول 50 كم تقريبا وعرض 40 كم تقريبا. وهي مدينة ديناميكة في نمو السكان والاقتصاد، وخاصة مع التطورات والمشروعات الضخمة التي تحت التنفيذ أو يخطط لتنفيذها قريبا. طبعا هذه عوامل تدفع إلى مزيد من الطلب على العقار، فمزيد من الغلاء ومزيد من الزحام في المستقبل القريب. وتنفيذ التصورات المطروحة السابقة يخفف من حدة الغلاء والزحام المروري.

من المهم طبعا الاهتمام بتوفير أرصفة مشاة مناسبة وخاصة في الشوارع القريبة من محطات النقل العام. هذا التوفير يسهم في زيادة الطلب على النقل العام. وبالله التوفيق.        

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي