اليونان .. عودة الآمال مؤقتا

عودة إلى اليونان ومشكلة الديون واحتمال انفصالها عن الاتحاد الأوروبي. في المقال (اليونان خارج الوحدة ــــ عدد 7863 تاريخ 22 نيسان (أبريل) 2015) تحدثنا عن إجراءات التقشف الاقتصادي التي يطالب بها الدائنون في منطقة اليورو (بقيادة ألمانيا) في محاولة لإنقاذ البلاد من التعثر الائتماني وحماية النظام المصرفي من الانهيار ومحاولات بقاء اليونان ضمن الكتلة الأوروبية الموحدة.
وذكرنا أن جملة الإجراءات التقشفية تتطلب إرادة سياسية داخلية بما فيها مواجهة التذمر الشعبي المتوقع لأن فيها تضييق في المعايش والمدخول المالي للشعب الذي قد يطالب بإقالة الحكومة أو يمتنع عن التصويت لمصلحة هذه الإجراءات.
يذكر أحد المحللين أن سياسة الإنقاذ Bailout المتواصلة ليست سوى عملية تأجيل وتسويف وتضحية بأهداف طويلة الأجل لمصالح مؤقتة. إن الأسباب الجوهرية لتراجع اقتصاد اليونان هي سياسية وداخلية في الأصل ومستمرة دون أي تغيير بينما تتعامل معها الوحدة الأوروبية على أنها مشكلة اقتصادية وتطالب الدولة بالمزيد من التقشف.
فيما يتعلق بالأسواق العالمية فقد تفاعلت الأسهم الأمريكية بالأمس مع تطورات الأحداث (المؤقتة)، فبعد اجتماع القمة الطارئة الذي استمر إلى بعد منتصف ليل الإثنين صرح رئيس الوزراء اليوناني بتفاؤل حذِر أن "الكرة الآن في ملعب منطقة اليورو" وذكر أن الإجراءات التي وافقت عليها اليونان تضمن حماية ذوي الدخل المتوسط وموظفي الحكومة من ارتفاع الضرائب وأن "الفاتورة" ستتحملها الطبقة "الموسرة" والأثرياء.
ويتضح من الأحداث أن نفوذ الطبقة الثرية يطال السياسة وصنع القرار، ما أردى بوضع البلاد لما هي عليه اليوم. عموما بالنسبة للمستثمرين في أسواق أوروبا، ذكرنا سابقا أن الاقتصاد في عدة دول أوروبية منتعش وعلى رأسها بريطانيا التي تشهد انخفاضا في معدلات البطالة إلى حدود 5.5 في المائة ويشهد مؤشر السوق الرئيس FTSE 100 ارتفاعا 4.5 في المائة منذ بداية العام، حيث لامس خلال الفترة أعلى مستوى منذ خمسة أعوام والصعود نفسه شهده مؤشر البورصة الألمانية DAX:IND. ويتساءل كثير من مستثمري الشرق الأوسط ومنطقة الخليج خاصة عن التطلعات المستقبلية لاقتصاد أوروبا الذي لا يمكن اختزاله في رأي أو مقال. فمنطقة اليورو بها 28 دولة عضو وناتج محلي إجمالي تجاوز 17 تريليون دولار (2014) بمعدل نمو 0.4 في المائة. ويتم التعامل بعملة اليورو في 19 دولة فقط من دول المنظومة وتسمى هذه الدول بالـ Eurozone. وغالبا ما يتم الاستثمار في المنطقة عن طريق إحدى هذه القنوات:
- العقار
- صناديق الاستثمار
- الشراء المباشر للأسهم الأوروبية
- في بعض الحالات شراء العملة الورقية
بالنسبة لاحتمالية خروج اليونان من اليورو فإن آراء المحللين بشكل عام تجمع على أنها مسألة وقت بينما ظل فريق صغير على اعتقاد أنها "أزمة وتعدي". أما بالنسبة لتبعاتها الاقتصادية فإن خروج اليونان سيكلف ألمانيا 153 مليار دولار على مدى ثماني سنوات، حيث تدين اليونان بما يعادل 23 مليار دولار للمصارف الألمانية فقط.
وفي جميع الأحوال فإن مجرد احتمال نجاح المساعي بعد اجتماع البارحة وموافقة المركزي الأوروبي في بلجيكا على زيادة الإمداد المؤقت كان لها أثر واضح في الأسواق الأمريكية (الإثنين)، حيث أغلق الداو جونز مرتفعا 0.58 في المائة ومؤشر S&P500 مرتفعا 0.61 في المائة في مستويات قياسية جديدة للأخير. وتتوالى التكهنات بشأن الوضع الأوروبي ولا يزال المراقبون والمستثمرون في حالة ترقب لنهاية شهر حزيران (يونيو) الجاري، ونحن أيضا في انتظار الأحداث.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي