ما تكلفة النجاح؟
عند الحديث عن النجاح والتميز فيما يفعله الإنسان كعمل أو كهواية، دائما ما تقفز إلى أذهان الناس أمثلة معينة سواء من بيئتهم المحيطة أو من بيئات ومجتمعات مختلفة. عند الحديث عن النجاح في إنشاء الأعمال التجارية يقفز للأذهان مارك زوكربرج مؤسس فيسبوك أو مؤسسي سنابشات، وهي أمثلة فعلية على تحقيق نجاحات مالية وذات قيمة مبهرة وتأسر الألباب، خصوصا عند ذكر قيمة هذه الشركات اليوم في أسواق المال الأمريكية، والتي تقدر بالمليارات. ولكن هل هذه الأمثلة فعلا تعكس الواقع؟ وكم شخصا في هذا العالم يستطيع تحقيق ما حققته هذه الشركات في الفترة الزمنية نفسها التي استغرقها هؤلاء للوصول لما وصلوا إليه؟
التجارب التي تذكرها الكتب والمقالات المهتمة بالأعمال التجارية تؤكد بشكل لا لبس فيه أن النجاحات التي حققتها هذه الشركات وأمثالها في هذه المدة القصيرة هي شذوذ عن القاعدة، أي أن معظم الشركات ورواد الأعمال لا يستطيعون تحقيق مثل هذه النجاحات في هذه الفترة القصيرة وبهذا الحجم المبهر. هذا الأمر يحتل أهمية كبيرة لتوضيحه لمن يريد أن يتجه لتأسيس عمل تجاري بطموح عال كيلا يصطدم بالحقيقة المرة بأن النجاح الكبير يستغرق وقتا وجهدا كبيرا، ويكلف الإنسان ماله وأحلى سنوات عمره.
شركة ستار بكس بدأت أعمالها في عام 1971 بفرع واحد في مدينة سياتل الأمريكية، وحتى عام 1986م، كانت الشركة تمتلك أربعة فروع لتحميص القهوة وبمبيعات لا تزيد على مليوني دولار، أي خلال 13 عاما، وفي عام 1989 بيعت الشركة لأحد موظفيها الذي أعاد هيكلة الشركة وغير اسمها إلى ستاربكس وانطلق بالشركة للعالمية.
والت ديزني، مؤسس شركة ديزني العالمية، ولد في ولاية ميسوري، أسس شركته في عام 1920، وبعد فترة هجرها لشريكه ليجد له وظيفة في شركة منافسة ليستطيع العيش، وبعدها بثلاث سنوات، انطلق مرة أخرى بتأسيس شركة ديزني برذرز، وكانت انطلاقته بالفيلم الكرتوني "أليس في بلد العجائب". وفي عام 1928، خسر معظم موظفيه عندما خسر قضيته حول أجر الشركة مقابل منافسه يونيفرسال أستوديو، ما دفع والت ديزني لابتكار شخصية ميكي ماوس في العام نفسه، وكانت هذه الشخصية بداية النجاح لوالت ديزني. هناك أمثلة كثيرة على الطريق الصعب والمضني للنجاح، ولكن ما يرسم هذه النهاية الناجحة هو الصبر وتحمل العثرات وتجاوزها، والإصرار على أن النجاح ليس خيارا، بل هو الخيار الوحيد لكل منا مهما كان ما يفعله.
اجعل حدود أحلامك وطموحاتك في حدود السماء، شريطة أن يكون صبرك وتحملك وإصرارك في حدود السماء أيضا. أتذكر جيدا تلك المقولة التي كان يرددها أحد مدرسي الجامعة في مادة الاستثمار أن من يموتون هم من يقفزون من القطار وهو يسرع، أما من يصبرون لحين وقوف القطار هم من ينزلون بسلام.