الأرقام ونموذج العمل
ابتكر ألكساندر أوستروالدر طريقة جديدة لرسم نموذج العمل للأعمال التجارية، وتعتبر هذه الطريقة بحسب المهتمين أبسط طريقة لشرح معنى نموذج العملBusiness Model توصل إليها المختصون في مجال إدارة الشركات. ويلخص خطوات ابتكار نموذج العمل في تسعة أجزاء، يرتبط كل جزء منها بالآخر كنتيجة أو كمحرك. فتبدأ من العمل ثم المنتج والقيمة التي يشكلها المنتج للعميل ثم طرق التواصل مع العميل وطرق خدمته، وتأتي الأصول الاستراتيجية التي تستخدم في تقديم المنتج كمحرك رئيس لجودة القيمة المقدمة، ثم هيكل التكاليف والشركاء الاستراتيجيين والتدفقات النقدية ومصادرها. يستطيع أي مقبل على تأسيس شركة أو عمل تجاري الاعتماد على النموذج الذي ابتكره أوستروالدر لوضع نموذج العمل على الورق، ولكن ماذا بعد؟ هل هذا سيمكن مستخدم هذا النموذج من تصميم نموذج العمل الخاص به؟
في اعتقادي أن هذا النموذج سيمكنك من وضع عناصر نموذج العمل الخاص بك على الورق بشكل واضح، إلا أنه لن يمكنك من تصميم النموذج بشكل فعال، إلا بعد التجربة العملية على الأرض، لتتمكن من ربط أجزاء النموذج بشكل إيجابي ومؤثر، أما التفكير من البداية في أن هذا النموذج سيمكنك من وضع نموذج عمل ناجح فهو مبالغة وضرب من الخيال. دعونا أولا نعرف الهدف من نموذج العمل: الهدف هو تمكين المنشأة من تحقيق أهدافها الاستثمارية عبر تقديم قيمة يرغب فيها العميل بتكلفة معينة وبأصول معينة وعبر تكاليف وشركاء معينين. الشركاء قد يكونون عملاء كبارا، أو موردين كبارا، أي إما أن يدفعوا المال نظير المنتج أو الخدمة، أو يُدفع لهم المال نظير مواد خام أو المساعدة في تقديم الخدمة. إن ما يبين عناصر نموذج العمل بشكل قابل للقياس هو قائمة الدخل وقائمة التدفقات النقدية وقائمة المركز المالي، فلو قمت بوضع القوائم المالية المتوقعة بشكل واقعي قبل البدء بالعمل، ومن ثم قمت بمتابعة جميع عناصرها وقارنت بين الواقع و المتوقع، ستصل إلى معرفة تامة بجوانب عملك التجاري، وستتمكن من التركيز على الجوانب التي خالفت توقعاتك وأثرت سلبا في المردود الاستثماري الذي ترجوه من هذا العمل. إن الهدف الرئيس من نموذج العمل هو إدارة جميع المصادر والأصول والإمكانات بأكبر منطقية ممكنة، وهذا لا يتحقق بشكل قابل للقياس في النموذج الذي ابتكره أوستر والدر، وما لا يمكن قياسه لا يمكن إنجازه. فلو افترضنا أنك تملك مصنعا لصناعة العصائر، فإنك تعلم أن عليك توفير موقع للإنتاج ومراقبة للجودة وفريق توزيع وشراء المواد الخام والاتصال بالمستهلك النهائي عن طريق خدمة العملاء، وهذا ما يمكنك منه نموذج أوستروالدر، ولكن كيف لك بقياس أثر التوزيع المباشر أو غير المباشر في أداء الشركة من خلال هذا النموذج؟ الحقيقة تخبرك بها الأرقام، وحتى لو كانت هذه الأرقام مجرد أرقام متوقعة، فإنها تعطيك مؤشرا قابلا للقياس، وقابلا للاختبار من ناحيتي التكلفة والعائد.