الاستدامة .. «العقل السليم في الجسم السليم»
كان جميلا أن تتسع الدائرة هذا العام في منتدى جدة الاقتصادي الذي اختتم أعماله الأسبوع الماضي في جدة، كي تكون الصفحات والبرامج الرياضية جزءا من مشهد الاهتمام عبر نقل وتحليل واسع لتصريحات الرجل الأول في قطاع الرياضة في السعودية الأمير عبد الله بن مساعد بن عبد العزيز.
كانت الأرقام التي طرحها الرئيس العام لرعاية الشباب، صادمة وصادقة وهو يتحدث عن نسبة متدنية من ممارسي الرياضة في السعودية لا تتجاوز 13 في المائة مقارنة بدول أخرى مجاورة تصل فيها النسبة ذاتها إلى نحو 30 في المائة!
الجميل والمهم هو أن الذراع الرياضية في المنظومة الإعلامية تحظى باهتمام وقاعدة جماهيرية واسعة، وهو أمر يجعل من طرح الآراء والمفاهيم التنموية أمرا بالغ الأهمية خاصة حينما يتعلق الأمر بالأسس العامة للاستدامة وتحقيقها عبر أطر بشرية وصحية وبيئية واقتصادية.
وفقا لإحصائيات عالمية فإن نحو 60 في المائة من الوفيات بالأمراض غير السارية، هي نتيجة أمراض ناجمة عن عدم ممارسة الرياضة، وهو ما يعني أن الإنسان المحرك الأساسي لدورة الاستدامة على كوكب الأرض هو العنصر الذي يجب أن يكون أولوية للحكومات التي تنفق الحصة الأكبر من ميزانياتها لصحته وتعليمه وإيجاد فرص العمل له، لكنها لا تنفق بالقدر ذاته على تهيئته الرياضية وتشجيعه على الممارسة البدنية للرياضة من خلال التوسع في مفهوم الاقتصاد الرياضي الذي هو بوابة الوصول لأهداف صناع الرياضة في بلادنا برفع نسبة الممارسة للرياضة لنحو 20 في المائة بحلول عام 2020.
بطبيعة الحال فإن حسبة اقتصادية إذا ربطنا الرياضة بالصحة ستسير بشكل كبير لحجم الوفر في ميزانيات حكومية لبعض الوزارات كوزارة الصحة التي تبدو غائبة عن المشهد الرياضي رغم أنها أكثر المتضررين من تناقص أعداد ممارسي الرياضة وما يؤدي له من تزايد للأمراض المزمنة والضغط على مستوى جودة الخدمة الصحية، رغم أنها كوزارة معنية بتحقيق الرؤية المستدامة في المفهوم الحقيقي للرياضة كقيمة أساسية للتفكير الجمعي نحو بيئة إنسانية صالحة للحياة.
غير أن اللافت في حديث الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير عبد الله بن مساعد هو انفتاحه على ممارسة الرياضة من الجنسين وفق ضوابط تراعي القيم الإسلامية للجميع، لكنه لم يتحفظ عن التعليق حول مسألة أن الرياضة وممارستها حق مكفول للجميع.. وهو ما قد يبعث على التفاؤل خاصة بعد لقاء الرئيس العام لرعاية الشباب ووزير التعليم، قبل أيام قليلة، وهو ما قد يربط بين تصريحات الأمير وتحقيق بعض الرؤى المستدامة في منظومة التعليم العام التي يزيد طلابها وطالباتها ومنسوبوها على ستة ملايين، وأن نقطة الانطلاق الحقيقية نحو بيئة رياضية مستدامة تبدأ من الصالات الرياضية للمدارس وصولا إلى تحقيق الإنجازات الرياضية التي تشجع الناس على أن تكون الرياضة جزءا من حياتهم وليست عبئا على حياتهم أولا وعلى من حولهم ما يصعب من وضع خريطة الأولويات التنموية ويبعثر أوراق الرؤية الاقتصادية لمعالجة مشكلة أن 87 في المائة من السكان في السعودية لا يفكرون في ممارسة أي نشاط بدني..!