البنك الآسيوي للاستثمار .. لاعب جديد بمهارات متخصصة

يعد الإطلاق التاريخي للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية في الأسابيع المقبلة حدثا مرتقبا للغاية ــ وهو يستحق كل هذا الاهتمام. فمع بدء العمليات، ينضم البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية إلى أسرة المؤسسات المالية المتعددة الأطراف في دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية على نطاق واسع في آسيا. وسوف يؤدي الاستثمار السليم المستدام في البنية الأساسية إلى نتائج أفضل في مجال التنمية، فضلا عن تحسين حياة المواطنين الآسيويين وسبل معيشتهم، وتوليد تأثيرات جانبية إيجابية في أجزاء أخرى من العالم.
على مدى العام الماضي، التقيت بأناس من مختلف أنحاء العالم وكل مناحي الحياة، وكثيرا ما طلب مني أن أفسر لماذا نحتاج إلى بنك تنمية آخر متعدد الأطراف، وكيف قد يكون البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية مختلفا عن البنك الدولي أو بنك التنمية الآسيوي على سبيل المثال.
الواقع أن الإجابات واضحة. فقد تزايدت أهمية آسيا والدور الذي تلعبه على الساحة الدولية، ولكن المنطقة تواجه ثغرات شديدة واختناقات شائكة في البنية الأساسية. وقد تنامت احتياجات الاستثمار في البنية الأساسية في آسيا بشكل كبير، وسوف تعمل موارد البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية ببساطة على زيادة مجمع الموارد المتعددة الأطراف المتاحة للمساعدة في تلبية هذه الاحتياجات.
وهناك فضلا عن ذلك مساحة كبيرة يستطيع البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية من خلالها مساعدة البلدان الأعضاء في تحديث الطرق والسكك الحديدية والموانئ؛ وتعزيز فرص الحصول على الكهرباء؛ وتوسيع خدمات الاتصالات؛ وتحديث التخطيط الحضري؛ وتوفير المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي. وسوف نقوم بكل هذا بشكل جيد وتعاوني وعلى الوجه الصحيح، بوصفنا شريكا يعتمد عليه في التنمية المتكاملة.
ويتمتع الأعضاء المؤسسون برؤية إدارية واضحة: فسوف نحدد مستوى واضحا عاليا للأداء التنظيمي والحوكمة، من خلال دعم مبادئ الانفتاح، والشفافية، والمساءلة، والاستقلال باعتبارها المبادئ المؤسسية الأساسية للبنك.
ويفرض ميثاقنا المساءلة المباشرة على إدارة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية لضمان تحول هذه المبادئ إلى قيم عضوية أساسية وليس مجرد شعارات. وأنا شخصيا أتبنى هذا التحدي، وألتزم بشدة بتعزيز ثقافة مؤسسية ترتكز على أعلى المبادئ والمعايير الأخلاقية.
ولكن كيف سنفعل كل هذا؟ في صياغة النظام الأساسي للبنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية وإطار سياساته العامة، عملنا مع مجموعة متنوعة من الخبراء الدوليين لاستخلاص الدروس من المؤسسات المتعددة الأطراف القائمة ومن شركات القطاع الخاص الناجحة. وقد عقدنا جولات مكثفة من المناقشات الفنية مع المساهمين في البنك لضمان قدرته على عكس أهداف مالكيه وتطلعاتهم في كل من أنشطة الإقراض والعمليات الداخلية. وأنا على يقين من تلبية الأسس السياسية التي يقوم عليها البنك للمعايير العالمية. ونحن نعمل الآن على تجنيد فريق من الإداريين والمختصين على أعلى مستوى لضمان التنفيذ الفعال لهذه الأسس.
وسوف يتأكد المساهمون في البنك، من خلال تنفيذنا لتفويضنا، من قدرة البنك على التعلم من الماضي وإدراك احتمالات المستقبل ــ لإدارة الأمور على نحو مختلف والقيام بأمور مختلفة. وسوف تعمل عديد من السمات التي تميز البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية على تيسير هذه المهمة.
فبادئ ذي بدء، تعكس هياكل الملكية والمساهمة الفريدة التي يتبناها البنك الشخصية الإقليمية للمؤسسة وتزود الأعضاء بقدرة تصويتية أكبر في توجيه السياسات واتخاذ القرار. ويشهد الحوار الثري بين الأعضاء المؤسسين أثناء وضع النظام الأساسي للبنك وإطاره السياسي على ملكية المساهمين القوية لتفويض البنك ومهمته والتزامهم بها.
علاوة على ذلك، سوف يعمل تفويض البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية الجغرافي والقطاعي المتخصص على تمكينه من تقديم مهارات متخصصة، وخبرات مركزة، ومعرفة مكثفة بالسوق، كما ستضعه بنيته التنظيمية ومرونته في اختيار موظفيه في موقف يسمح له بالاستجابة الرشيقة لطلب العميل والاحتياجات الناشئة. وسوف يكون نهجنا في البحث انتقائيا واستراتيجيا، وسوف يسمح لنا نموذج العمل الذي يركز على النتائج بتقديم أحدث المعارف والخدمات المالية المصممة خصيصا لكل عميل.
وسوف يلعب البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية دورا محفزا. فسوف نوظف ونحشد التمويل العام والخاص، بما في ذلك المستثمرون المؤسسون، ونساعد العملاء في تحسين ربحية المشاريع من خلال تشجيع الشفافية والكفاءة والالتزام بالمعايير المقبولة ــ بما في ذلك المعايير البيئية والاجتماعية ــ وبالتالي الحد من المخاطر.
وسوف يضمن تصميم البنك وإدارته التنظيمية المتكاملة كفاءة العمليات وفعاليتها بما يتماشى مع أهدافه الاستراتيجية وقيمه التنظيمية. وسوف يعمل مجلس إدارته غير المقيم على تعزيز المساءلة والكفاءة والفعالية من حيث التكلفة، في حين يلعب دورا أكبر في تحديد الاستراتيجية، ووضع السياسة العامة، وممارسة الرقابة والإشراف.
في نهاية المطاف، سوف تعتمد سمعة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية ومصداقيته على مكانة موظفيه وقدراتهم. وسوف نوظف أفضل المواهب في السوق من خلال عملية تنافسية قائمة على الجدارة، من دون اعتبار لجنسية المرشحين. وعلى نحو مماثل، لن تعمل الجنسية على تقييد معاملات شراء السلع والخدمات لمصلحة العمليات التي يمولها البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية.
وسوف تكون عملياتنا رشيقة ونظيفة وخضراء. وهذا يعني السيطرة على البيروقراطية والحفاظ على بنية تنظيمية ثابتة تقريبا؛ وإدارة التكاليف واستخدام التكنولوجيا الحديثة بفعالية؛ وتجنب الازدواجية والتداخل الوظيفي. وسوف يبني البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية هيئته المهنية تدريجيا، فيكمل الخبرات الداخلية بالمهارات الاستشارية المتخصصة. وسوف تحدد صلاحيات العاملين بعناية لتجنب العمالة الناقصة والعمالة الزائدة عن الحاجة في المستقبل.
وهذا يعني أيضا تعزيز ثقافة مؤسسية تقوم على النزاهة المهنية والإدارة المثالية التي لا تتسامح مع الفساد. ذلك أن أفضل السياسات على الورق تصبح بلا قيمة أو معنى ما لم يتم تنفيذها بدقة ونزاهة وشفافية.
كما يعني أخيرا، الحرص على الاستدامة. فسوف يعمل البنك على إعلاء مبادئ التنمية المستدامة في تحديد المشاريع والإعداد لها وتنفيذها. وتمثل إدارة المخاطر والتأثيرات البيئية والاجتماعية عنصرا أساسيا في ضمان نتائج التنمية الناجحة. وسوف ندعم عملاءنا في إدارة هذه المخاطر على النحو اللائق من خلال المعرفة والخبرة والموارد. إن البنك الآسيوي للاستثمار في البنية الأساسية مؤسسة واعدة إلى حد عظيم في منطقة عظيمة الاحتياجات. وأنا على يقين تام من قدرته، عندما يفتح أبوابه للعمل في عام 2016، على تحقيق إمكاناته وتلبية الأهداف والمعايير التي يحددها مساهموه ــ والسعي إلى التفوق على هذه الأهداف والمعايير وترقيتها.

حقوق النشر خاصةبصحيفة «الاقتصادية»

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي