مفاجآت الموازنة

بمجرد أن تنظر لحجم العجز في موازنة الدولة العامة في 2017 التي أعلنت أمس الأول في جلسة استثنائية لمجلس الوزراء السعودي، وتضع مقارنة بينه وبين حجم العجز في السنة المالية المنقضية 2016، تستشعر حتما بحجم التطور الكبير في ضبط المالية العامة للدولة، فالعجز المقدر بـ198 مليار ريال يعد محدودا على الرغم من أن المملكة قد أعلنت عن أكبر إنفاق طوال تاريخها والمقدر بـ890 مليار ريال، وهو أمر جعل إحدى وكالات الأنباء العالمية تعلق عليه بالقول "السعودية تبسط يدها في الإنفاق".
إعلان الموازنة والمؤتمرات الصحافية عقدها أكثر من خمسة مسؤولين سعوديين كبار، وبثت على الهواء مباشرة عبر أكثر من وسيلة إعلامية وحظيت بتغطية مكثفة من وكالات أنباء عالمية وما صاحبها من شفافية بعثت الطمأنينة في قلوب المواطنين، وأيضا لدى المستثمرين الأجانب في قدرة السعودية على التأقلم من التحديات المتمثلة في تقلص الإيرادات النفطية، فالانطباعات الأولية عن الموازنة ممتازة، حيث قالت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس للأبحاث ومقرها في لندن وفي تعليق مباشر بعد الإعلان "لم تشهد المالية العامة في المملكة مثل هذا التحسن منذ مطلع التسعينيات عقب انتهاء حرب الخليج".
التعهدات التي أطلقها محمد الجدعان وزير المالية في المؤتمر الصحافي كانت مطمئنة ومريحة للمواطن والمقيم والقطاع الخاص أيضا، عندما قال "لن يكون هناك ضرائب على المواطنين والمقيمين ولا على أرباح الشركات المحلية"، إضافة إلى تعهدات وزارة المالية بصرف مستحقات القطاع الخاص والأفراد خلال 60 يوما من تسلم مستندات الاستحقاق.
«حساب المواطن» كان أبرز مفاجآت الميزانية، الذي يمكن من خلاله تغطيات تداعيات رفع الدعم عن كل السلع من محروقات وغيرها، والأجمل هو ما أشار إليه وزير المالية عندما قال إن الدعم النقدي المقدم سيغطي 100 في المائة من تداعيات رفع الدعم عن السلع عن محدودي ومتوسطي الدخل، وإنه سيخضع لمراجعة دورية لضمان عدم تضرر المواطن من تبعات الإصلاح.
ما زال وسيزال المواطن في مقدمة اهتمامات حكومة خادم الحرمين، التي لم تغفل عنه، وهي تجري إصلاحات على اقتصادها، تنوع فيه مصادر الدخل وتضمن ديمومة نموه، فكانت حمايته من ضرر وتداعيات الإصلاح الاقتصادي ركيزة في موازنة 2017، وفي تصريحات المسؤولين السعوديين واقترن القول بالفعل من خلال إقرار "حساب المواطن" ووقف أي رفع للدعم قبل بدء تطبيق البرنامج وبدء ضخ الأموال والتعويضات المناسبة في حساب المواطنين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي