فائض ونقص

عندما بحثت في موقع إحدى الصحف الإلكترونية عما عنته عندما ذكرت أن وزارة العمل حددت ثمانية تخصصات تمثل أساس العجز في سوق العمل، كنت أتوقع التخصصات نفسها التي يتحدث عنها الجميع، وهي: الطب والهندسة والتقنية بشكل عام، لكنني وجدت تخصصات مثل المحاسبة والتمريض، ما شد انتباهي هو تخصصات التعليم التربوية، التي يعاني خريجوها كثيرا ليحصلوا على الوظائف، هنا بدأت أتساءل عن دقة الإحصائية.
نقف اليوم على مفترق طرق يبعدنا عن وضع كل المسؤوليات على القطاع العام، وهنا يجب أن يكون البحث والتقصي عن الحقائق أكثر دقة. لو بحثنا في تخصصات العلوم الطبية لوجدنا كثيرا من الخريجين الذين وقعوا ضحايا لنقص الوظائف في السوق، وليست المشكلة النقص الرقمي، وإنما عجز التنظيمات والقوانين عن تحفيز الشركات أو إلزامها بالتوظيف.
أغلب الوظائف الصحية اليوم تحت يد المتخصصين والمتخصصات من الأجانب، والأسباب معلومة. عدم الالتزام بتوفير حد معين من الوظائف للمواطنين واحد، لكن رفض المشاركة في التعليم والتطوير والتدريب سواء على رأس العمل أو خارجه، سبب آخر. ما يعيدنا مرة أخرى للقطاع الخاص الذي نؤمل في النهاية أن يكون الناقل للحال إلى الأفضل في المجالات الصحية.
هذا الالتزام يحتاج منا إلى كثير من الدعم والتوجيه للعناصر المختلفة التي ستسهم في تكوين البنية الصحية الجديدة. منشآت ومكونات كبيرة ذات قدرة عالية على التأقلم مع الأوضاع، ولها مسؤولية مجتمعية تدفعها نحو تخصيص نسب أكبر من إيراداتها للاستثمار في الموارد البشرية تأهيلا وتدريبا وتوظيفا.
إن الاعتماد على القدرات البشرية الوطنية، بالتوازي مع تكوين كيانات كبرى كشركات قابضة، وتحفيز الجمعيات الأهلية والمؤسسات المجتمعية لإنشاء مستشفيات ومراكز تخصصية بدعم من الدولة والبنوك الوطنية، سيوفر لنا منظومة جديدة يمكن أن نعتمد عليها في القادم من الأيام، لتنتهي حالة التعود على المنشآت الحكومية في المجال الصحي أو تقليلها للحد الأدنى.
خروجي عن النص في الفقرات السابقة هو تفاعل مع وعود وزير الصحة بنقلة كبرى للخدمات الصحية من القطاع العام إلى القطاع الخاص، ولنقل القطاع الأهلي أو الخيري الفاعل الذي يمكن أن يتولى المهمة باقتدار كما هي الحال في أغلب دول العالم المتقدم.
أعود إلى إحصائية وزارة العمل في الغد لقراءة التخصصات الأخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي