من أفضل ما قيل عن الاستثمار
مع نهاية كل عام وبداية عام جديد يراجع كثيرون أداء استثماراتهم وخططهم للعام القادم لأسباب كثيرة. تختلف الأغراض والأدوار بين المؤسسات والأفراد. أحيانا هناك تفاوت بين تصرف الفرد الواحد بين الحرص على جمع المال والاهتمام باستثماراته خاصة في البلدان الحديثة العهد بأسواق الأوراق المالية أو في طريقة الحصول على المال وتأثير ذلك في نمط التوفير والاستثمار وتسعير السيولة. هذه الفجوات بدأت في التقلص لدينا ولكنها لا تزال تؤثر في تصرفات كثيرين، تقلصها جاء بسبب التجربة والتعليم ووصول جيل جديد. رأيت تجميع بعض نصائح حكماء ومختصي الاستثمار لعلها تساعد حين يفكر كثيرون في مراجعة محافظهم.
تكلفة إدارة الاستثمارات المالية كانت مرتفعة قياسا على أداء المديرين الذين أغلبهم لا يستطيع مجاراة أداء المؤشرات غالبا، ولكن كنتيجة لقوة المنافسة والإبداع خاصة من خلال الصناديق التي تتبع المؤشرات. أصبح استثمار مبالغ قليلة (عدة آلاف من الريالات) ممكنا للجميع وبتكلفة تصل إلى 20 ريالا لكل عشرة آلاف ريال. بعض هذه المنتجات سيصل أسواقنا تدريجيا بسبب تطور الأسواق والمتعاملين. المعرفة عادة تأتي بسبب التعلم من المختصين، فكما يقول نيوتن إنه استطاع النظر بعيدا من خلال الوقوف على أكتاف الكبار وأيضا من التجربة وتراكم المعرفة. ليس للشخص العادي من ميزة أكبر من المهنيين من المرونة في استقلال الذهن وتفادي عقلية القطيع. يقول بنجامين جراهام أحد أبرز منظري التحليل المالي "أنت لست (صح) أو (خطأ) بسبب اختلافك عن القطيع، أنت (صح) بسبب أن معلوماتك ومنهجك صحيحان". يصور الاستثمار عادة على أنه معركة بينك وبين السوق، بينما يذكر جراهام" مشكلة المستثمر الأساسية حتى عدوه الأول نفسه وليست السوق". تقييم الفرد لنفسه دائما صعب ولكنه قد يكون أكثر أهمية من تقييم الاستثمارات. كثير منا يصعب عليه تقدير حدود معرفته وأنا هنا لا أختلف عن الأغلبية. إذا لا تستطيع معرفة حدود قدراتك فليس هناك أهمية تذكر لما قد تستطيع معرفته عن الأسواق. العواطف تقف في طريق كل منا. كثير يندفع دون حساب. يقول وارن بفت في هذا الصدد إنه حين ينحسر الموج نعرف من كان يسبح عاريا ـــ يعني أنه قد يكون على صواب لأسباب خطأ فسرعان ما ينكشف. يقول جراهام إن الأسهم ليست مجرد ورقة مالية ولكنها وحدة ملكية في أعمال حقيقية حيث إن قيمتها لا تتغير آلاف المرات يوميا مثل سعر الورقة المالية. اخترع جراهام تعبيرا مجازيا "السيد السوق" الذي يتغير مزاجه من فرح شديد إلى حزن بائس لتحديد سعر السهم. ليس على المستثمر المتاجرة مع السيد السوق ولكن فقط حين يريد. المستثمر يتحكم في التوقيت إذا سيطر على عواطفه.
يقول عالم النفس دانيال كانمان المهتم بالاقتصاد السلوكي إن أهم سؤال هو عن طبيعة مرجعية قاعدة المعلومات لديك التي يقصد بها ألا يوظف المستثمر تخمينا مبنيا على شعوره وإنما بناء على الحالات المشابهة في الماضي بناء على أكبر قاعدة معلومات مقنعة وممكنة. يقول بيرنستين إن الثروة عبارة عن قرض وليست هدية من الأسواق، وأشهر قليلة من سوق سيئ قد تأخذ ما كسبه المستثمر في سنوات أو خروج من السوق لأيام قليلة عالية العوائد. كذلك يذكرنا أنه لا يمكن لنا أن نعرف المستقبل خاصة في اللحظة التي نبدو فيها متأكدين من معرفتنا بالمستقبل. يذكرنا أينشتاين أن أهم قوة هي قوة التراكم، ولذلك الوقت عامل مهم.
ما يجعل حقل الاستثمار صعبا وماتعا بالنسبة لي على الأقل في آن واحد هو ذلك التحدي المضاعف في الحاجة إلى معلومات كثيرة ومتغيرة، ولكن تقليل توظيفها قدر الإمكان. كلما ازداد توظيفها كانت المنهجية ضعيفة أو التصرفات نابعة من العواطف، ولكن كلما قلت المعلومات ابتعد المستثمر عن الفضاء الاستثماري المناسب وزادت المخاطر. التحدي أن تجد الوسط المناسب لك بين هذه القوى. وكل عام ومحافظكم بخير.