إحصائية الوظائف
كتبت أمس عن إحصائية الوظائف التي نشرتها إحدى الصحف الإلكترونية، وأعود اليوم للحديث عن الاعتقاد السائد بوجود تخصصات لا أهمية لها أو لا سوق لها، وهو اعتقاد - في ظني - خاطئ خصوصا في المملكة التي تستقطب عددا يبلغ خمسة أضعاف عدد المواطنين السعوديين العاملين، فكيف يكون هناك تخصص لا وظائف له.
الاعتقاد السائد بأن كثيرا من التخصصات تربوية محضة غير صحيح. التاريخ مثلا أحد التخصصات المهمة التي يحتاج إليها كثير من الجهات، ويمكن أن يصل المتخصصون فيه إلى درجات وظيفية عالية، وهي أساس كثير من المهن سواء في الدبلوماسية أو التعليم أو العسكرية، ذلك أننا متى ما نزعنا مفهوم التحول نحو الوظيفة التربوية فسنجد كثيرا من الاستخدامات للتخصص.
أمر آخر يخص الوظائف التربوية بالذات، وهو عدم العناية بالتخصص. كثير من المدارس والجامعات لا توفر التخصص الدقيق الذي يحتاج إليه الطلاب في أساتذتها، هذا الأمر هو الذي يعطينا المخرجات غير الكفؤة وغير المؤمنة بأهمية التخصص أو دوره في حياة الناس.
كثير من المعلمين يدرسون مواد لا علاقة لهم بها، ولئن اعتقد البعض أن الجامعات أكثر دقة في الترشيح لوظائفها والتكليف بالتدريس في المواد التخصصية، فإن الواقع يعارض ذلك، وهو ما يدفع كثيرا من الطلاب إلى الانتظار لأكثر من فصل دراسي ليجدوا المتخصص في مادة دقيقة، وهذا لا يقتصر على المواد العلمية.
إذن فعندنا نقص في الموارد وسوء في التوزيع، وهذه وصفة خطيرة يمكن أن نعزو إليها ما نراه اليوم من بطالة يمكن مقاومتها من خلال الدراسة الدقيقة والعلمية للسوق واحتياجاتها، وتوزيع المخرجات "المؤهلة" على مختلف مكوناتها.
ثم إن الإحصائية مع أهمية صدورها واطلاع الناس عليها، لم تحقق الهدف المرجو، فنحن نبحث عن الحلول للمشكلات القائمة، وهذا أمر مهم، لكننا في الوقت نفسه مطالبون بألا نكرر أخطاء الماضي. إن وجود إحصائيات أكثر دقة للمستقبل هي الأهم اليوم، وهي المسؤولية التي يجب أن يهتم بها الجميع.
برغم صعوبة التوقع لمكونات واحتياج السوق في المستقبل، إلا أننا مطالبون بأن نوفر هذه الإحصائيات التي تعتمد عليها مختلف القطاعات التي تقدم المخرجات لسوق العمل، كما أن الضرورة تحتم علينا أن نكون أكثر دقة في وصف التخصصات وعدم الاكتفاء بالتخصص العام.