المساواة والتعايش المتبادل أو الدماء والدمار

جاء الإسلام بكثير من المبادئ الإنسانية التي يتفاخر بها الغرب والشرق اليوم قبل قرابة 15 قرنا؛ في تلك الفترة الكالحة الغارقة في الجهل والظلام في كل بقعة من العالم، جاءت مثل الإسلام بالمبادئ الإنسانية العادلة بين البشر. وكان لتلك المبادئ الإنسانية الأثر الكبير في انتشار الإسلام الكاسح في القرن الأول الهجري. كانت العنصريات في تلك الفترة في قمتها خاصة عند العرب، فلم تكن لهم تجمعات حضرية سوى القبيلة، وهو تجمع يعتمد على العنصر أيضا، كذلك في المجتمعات الأوروبية كانت تتراكم فيها العنصريات والطبقات بين البشر إلى القرن الـ 19 وربما إلى بعض القرن الـ 20! إلى أن تطورت الحضارة الإنسانية كثيرا فيما يتعلق بالحقوق والحريات.
بينما تلك الأصول التي يتفاخرون بها؛ جاء بها الإسلام قبل 15 قرنا! وهو أول من بدأ بترسيخها وتأسيسها، لم يتوقف هذا التطور الإنساني والحضاري واستمر يتطور بشكل إيجابي نحو الحقوق والحريات على الرغم من كل المشكلات التي يمر بها عدد من المناطق في العالم، ومن أسوئها منطقتنا مع الأسف، المنطقة المشتعلة بالحروب والصراعات بشتى أشكالها العنصرية والعرقية والطائفية والدينية وهكذا.
ومن أسوأ نتائج المراحل المشتعلة في عمر الشعوب؛ أنها تعمل على عرقلة وربما العودة للوراء على صعيد التطور الإنساني والحضاري، حيث يسود غالبا في هذه المراحل التشنج والاندفاع أكثر من الجنوح إلى العقل والحكمة، بل أحيانا يصبح صوت العقل والحكمة محاربا ومنبوذا لأنه لا يحقق رغبة الغوغاء والبسطاء من الشعوب. هذا ما يحصل في منطقتنا مع الأسف، حيث كلما هدأت الأمور وبدأ يسود منطق الحوار والتسامح والتعايش، جاء ما يشعل المنطقة ويحرق كل الجهود نحو التطور الإنساني والحضاري للمنطقة!
ومع الأسف أن بعض الجهال يستغلون مثل هذا الفشل للدفاع عن منطقهم المتشدد بأن هذه نتيجة مساعي الحوار والتعايش! ونسي أن أهم عامل لإشعال المنطقة هو التطرف والتشدد المتضاد من أغلب التيارات السائدة! وإذا نظرت إلى عديد من الخطابات حول هذا الموضوع وجدتها تتحدث بعنف ربما عن الآخرين، كل تيار يدفع بالعنف على الآخر، ويشير بأصابع الاتهام والمؤامرة للغير، بينما البحث والتفكير في أنفسنا نوع من الهرطقة العصرانية المنكرة! لا نعلم إلى أين ستأخذنا هذه الموجات الطائفية العمياء؟ وكم من البشر ستخسرهم منطقتنا حتى نعود إلى رشدنا، ونتعلم أن التنافس يمكن أن يكون بطريقة حضارية وليس بالتقاتل والتناحر وكأننا في غابة.
لدينا الكثير مما يدق ناقوس فرقتنا؛ عنصرية قبلية لدى البعض من الجهال، ومثلها وأسوأ منها طائفية تكاد تحرق منطقتنا، ورغم سواد المشهد؛ إلا أننا يجب أن نتفاءل بانتصار صوت العقل والحكمة والحوار والتعايش.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي