ريادة الأعمال المنضبطة

أصبحت ريادة الأعمال من أهم الأنشطة التي سلطت عليها الأضواء في السنوات الخمس الأخيرة وحظيت برعاية جيدة من الدولة وبدأت تتوافر حاضنات الأعمال، وشيئا فشيئا بدأت البنية الهيكلية لهذا القطاع المهم في التشكل والنمو. من المهم معرفة أن هذا القطاع له عدة عناصر تكوينية أساسية دون أحدها لا يكتمل نموه: - رواد الأعمال. - المستثمرون. - الجامعات والمؤسسات البحثية. - حاضنات الأعمال. - التقنية المناسبة. وهناك بالطبع عناصر أخرى مثل الفريق والدعم اللوجستي لكن هذه هي العناصر الأساسية. في كتابه Disciplined Entrepreneurship يعطينا Bill Aulet الأستاذ في جامعة MIT وخبير ريادة الأعمال المعروف وصفة واضحة وقواعد أساسية لخطوات الرحلة في المشروع الجديد التي تبدو شيقة وسهلة طالما وجدت الفكرة والتمويل، لكن الحقيقة عكس هذا تماما. ومن خلال محاضراته في MIT طور الباحث أسلوبه وقواعد اللعبة على مدى سنوات من خلال تجاربه مع مئات الرياديين الناجحين. وقرر بعدها إصدار كتابه الشهير وهو كتاب إرشادي ومتسلسل في 24 خطوة حيث يقوم الريادي بتتبعها بالترتيب ومراجعة نتائج كل خطوة قبل الانتقال إلى الخطوة التالية. ويذكر الكاتب عبارة حكيمة سمعها، مغزاها أن "نظريا، النظرية والواقع متماشيان، لكن واقعيا النظرية شيء والواقع شيء آخر". وهي عبارة يجدر أن يتمعنها صاحب الفكرة قبل القيام بمشروعه ببساطة لأن الفكرة هي مرحلة الحلم الجميل وحتى التطبيق تسبقه خيالات تدغدغ المبتكر أما أرض الواقع ففيها عناصر كثيرة ومتشابكة لتنجح الفكرة بشكل يماشي توقعات المبتكر والمستثمر. ومن أهم الأسئلة التي يسألها البروفيسور لطلابه هو "هل يمكن فعليا تدريس ريادة الأعمال؟" - يقصد بشكل أكاديمي ومنهجي. والبعض يجيب لأن ريادة الأعمال ملكة إما أن تملكها بالفطرة أو لا، بينما يجيب الآخر بأنها مثل المؤهل يمكن اكتسابه بالتعليم والممارسة المتواصلة. وهنا يقول الكاتب إن الإجابة الأولى كانت ستكون هي رده من 15 عاما لكنه اليوم يؤمن بأن ريادة الأعمال يمكن تدريسها وتعليمها بشكل احترافي وممنهج مثل أغلب العلوم، ويستدل على هذا بأن أبرز الرياديين القدامى مثل ريتشارد برانسون "فيرجين"، وبيل جيتس "مايكروسوفت" نجحوا بفضل منتجات عظيمة قدموها للأسواق وليست صفة وراثية محددة تميزوا بها. وكي تصبح رياديا ناجحا يجب أن تقدم منتجا مبتكرا ممتازا وأن جميع عناصر النجاح الأخرى لن تجدي دون أن يكون لديك منتج فعلي يخدم حاجة استهلاكية أو يبتكر الحاجة لدى المستهلك. وفي المقدمة يشير الكتاب إلى ثلاث "خرافات" شائعة عن ريادة الأعمال يجب نبذها: أولا: أن الشركات يبدأها الأفراد. والحقيقة أن الشركات الناجحة يبدأها الفريق "وهنا التركيز على أهمية عمل الفريق المتوافق". ثانيا: أن الريادي هو شخصية محبوبة ولها شعبية ساعدت على إنجاح عملها. والحقيقة أن "الكاريزما" تساعد لفترة وجيزة فقط. ثالثا: أن ثمة جينا وراثيا للشخصية الريادية وراء إنجاح شركاته. وهذه خرافة في ظاهرها لكن يصدقها كثيرون أو يؤمنون بها في باطنهم. والحقيقة أن ثمة مواصفات شخصية للناجحين تساعد على إنجازهم المهام بنجاح وكلها صفات يمكن تعلمها واكتسابها بالممارسة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي