جودة الاقتصاد والبعد الإدماجي
ماذا عن البعد الآخر للإدماج - وهو المساواة بين الجنسين؟ الحقيقة المحزنة هي أن البنات والنساء في جميع أنحاء العالم لا يزلن يتعرضن لإهانات يومية تتمثل في التمييز والتحرش، وكثيرا ما يتعرضن للعنف أيضا.
وحتى عند التركيز على البعد الاقتصادي وحده، نجد الأخبار صادمة. فنحو 90 في المائة من البلدان لديها بعض القيود القانونية على ممارسة المرأة للنشاط الاقتصادي.
وهذا مجال آخر يؤدي فيه الإدماج إلى جودة الاقتصاد. فهنا في المملكة المتحدة، وكما نبهت هيلين نفسها في "استعراض هامبتون ـــ ألكساندر" الشهير، سد الفجوات بين الجنسين من حيث المشاركة في سوق العمل من شأنه رفع إجمالي الناتج المحلي بنسبة تراوح بين 5 و8 في المائة.
وفي صندوق النقد الدولي، أوضحنا أن هذه القصة تتكرر في كل أنحاء العالم. ففي إفريقيا جنوب الصحراء، على سبيل المثال، تشير تقديراتنا إلى أن تقليص عدم المساواة بين الجنسين بمقدار عشر نقاط مئوية يمكن أن يرفع النمو بمقدار نقطتين مئويتين على مدار خمس سنوات. ولا شك أننا في حاجة إلى هذه الدفعة للنمو حتى ندعم أهداف التنمية المستدامة.
واللطيف في هذا الأمر هو أنه لا يتطلب إلحاق خسائر بالرجال. فإشراك عدد أكبر من النساء في النشاط الاقتصادي يتيح للاقتصاد الاستفادة من مواهبهن ومهاراتهن ومنظوراتهن الفريدة وآرائهن الخاصة. وهذا التنوع يدعم الإنتاجية، ويقود إلى أجور أعلى للجميع.
فكيف ندعم هذه الزيادة في المشاركة؟ في البلدان منخفضة الدخل على وجه الخصوص، هناك تدخلات أساسية تتضمن تقليص الفجوات بين الجنسين في الصحة والتعليم، ودعم الشمول المالي، والاستثمار في البنية التحتية، وضمان تحسين فرص الوصول إلى المياه النظيفة والمرافق الصحية. ويؤدي هذا إلى إيجاد حلقة مفرغة إيجابية ـــ فالاستثمار في أهداف التنمية المستدامة ودعم تمكين المرأة يؤديان بدورهما إلى وضع الأساس اللازم لنجاح هذه الأهداف على نطاق أوسع. وفي الاقتصادات المتقدمة، هناك سياسات يمكن أن تساعد كثيرا في هذا الصدد، مثل إجازة الولادة وإتاحة خدمات رعاية الطفل بجودة عالية وأسعار في المتناول.
وهناك بعد حيوي آخر، وهو الحاجة إلى دعم القيادات النسائية في عالم الشركات. وهنا أيضا، تشير الأدلة إلى أن زيادة هذه القيادات تؤدي إلى نتائج أفضل ـــ فهناك دراسة تفيد بأن إضافة امرأة في الإدارة العليا أو في مجلس إدارة الشركة ترفع العائد على الأصول بما يراوح بين 8 و13 نقطة أساس.
والواقع أن الصندوق أصدر دراسة ـــ يمكننا القول إنها جاءت تكريما لهيلين ـــ تشير إلى أن زيادة نسبة النساء في مجالس إدارات البنوك في القطاع المالي ترتبط بزيادة الصلابة المالية. وفي الوقت نفسه، نجد أن زيادة عدد النساء في مجالس إدارات أجهزة الرقابة المصرفية ترتبط بزيادة الاستقرار المالي. لكن الطريق لا يزال طويلا ـــ فعلى مستوى العالم، تشكل النساء أقل من خمس أعضاء مجالس إدارات البنوك و2 في المائة فقط من رؤسائها التنفيذيين.
ونحن نعلم أن زيادة الآراء المتنوعة في مراكز القيادة تقلل احتمالات السقوط في مستنقع الفكر الجماعي والتحيزات اللاشعورية. وزيادة الآراء المتنوعة في مراكز القيادة تعني مزيدا من التعقل في صنع القرار وتركيزا أكبر على الاستمرارية الأطول أجلا. وأرى من الواضح أن أوضاع التمويل الحالية يمكن أن تستفيد كثيرا من زيادة التنوع.
وقد كانت هيلين تفهم كل هذا. وقد أشرت منذ قليل إلى "استعراض هامبتون ــ ألكساندر"، وهو من تركاتها العظيمة بالتأكيد. وفي هذا الاستعراض، كانت إحدى توصياتها الأساسية زيادة نسبة النساء في اللجان التنفيذية للشركات المدرجة في مؤشر فاينانشيال تايمز (100.FTSE 100) إلى 33 في المائة بحلول عام 2020، صعودا من 26 في المائة حاليا. وخلصت إلى هذه النتيجة بأسلوبها البراجماتي الأسطوري ـــ من خلال "تسليط ضوء على البيانات".
وكما قالت ذات مرة في إحدى المقابلات: "إذا كنا جميعا من المجموعة نفسها، ننتمي لخلفية من النوع نفسه، فغالبا ما سنتعثر في المكان نفسه إذا ما واجهنا المشكلة نفسها. أما إذا كانت خلفياتنا مختلفة ومهاراتنا مختلفة وتراثنا الثقافي مختلفا، فسنخرج من المشكلات بسرعة أكبر".