الحجة لمصلحة أسعار الفائدة السلبية العميقة «2 من 2»

مع استبعاد الاكتناز النقدي واسع النطاق، يصبح من الممكن التخلص من مسألة تمرير أسعار الفائدة السلبية إلى المودعين في البنوك التي تشكل التخوف الأكثر منطقية. حتى دون منع الاكتناز بالجملة "وهو محفوف بالمخاطر ومكلف"، كانت البنوك الأوروبية قادرة على نحو متزايد على تمرير أسعار الفائدة السلبية إلى كبار المودعين. ولن تتخلى الحكومات عن كثير عندما تتولى حماية صغار المودعين بالكامل من أسعار الفائدة السلبية. مرة أخرى، بالاستعانة بالوقت الكافي والتخطيط، لن يكون القيام بهذا الأمر عملية معقدة.
أثارت أسعار الفائدة السلبية عاصفة من الاعتراضات غير أن معظم هذه الاعتراضات إما حمقاء وغير مدروسة وإما يسهل تفنيدها، كما أناقش في كتابي الصادر عام 2016 حول ماضي وحاضر ومستقبل العملة، وكذا في كتابات ذات صلة. وهناك أشرح أيضا لماذا لا ينبغي لنا أن نفكر في "الأدوات النقدية البديلة" مثل التيسير الكمي وأموال الهليكوبتر كأشكال من السياسة المالية. ورغم أن الاستجابة المالية ضرورية، فإن السياسة النقدية أيضا مطلوبة بشدة. إن السياسة النقدية وحدها قادرة على معالجة الائتمان في مختلف قطاعات الاقتصاد. وإلى أن يقوم التضخم وأسعار الفائدة الحقيقية من مرقديهما، فإن سياسة أسعار الفائدة السلبية العميقة الفاعلة، وحدها قادرة على أداء المهمة.
كما ستكون سياسة أسعار الفائدة السلبية العميقة في الاقتصادات المتقدمة بمنزلة نعمة كبرى للاقتصادات الناشئة والنامية، التي سحقت بفعل أسعار السلع الأساسية متزايدة الانخفاض، وهروب رؤوس الأموال، والديون المرتفعة، وأسعار الصرف الضعيفة، فضلا عن المراحل المبكرة من الجائحة. حتى في ظل أسعار الفائدة السلبية، سيظل عديد من الدول في احتياج إلى قرار رسمي بتأجيل سداد الديون المستحقة عليها. لكن الدولار الأضعف، والنمو العالمي الأقوى، وانخفاض معدلات هروب رؤوس الأموال، كل هذه عوامل من شأنها أن تساعد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأسواق الناشئة الأكبر حجما. عندما أجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي مراجعته عام 2019 لأدوات السياسة، جرى استبعاد مناقشة كيفية تطبيق أسعار الفائدة السلبية العميقة فعليا؛ ما جعل "الاحتياطي الفيدرالي" مرغما على التصرف في خضم الجائحة. إن جماعات الضغط المصرفية ذات النفوذ تكره أسعار الفائدة السلبية، حتى على الرغم من أنها لا تقوض بالضرورة أرباح البنوك إذا أديرت على الوجه الصحيح. إن مهنة الاقتصاد، التي أذهلتها نتائج مهمة مخالفة للبديهة والمنطق نشأت في اقتصادات، حيث يوجد حقا حد الصفر على أسعار الفائدة، يجب أن تتحمل بعض اللوم.
لن يحل التطبيق الطارئ لأسعار الفائدة السلبية العميقة مشكلات اليوم كلها، لكن تبني مثل هذه السياسة سيكون بداية. وإذا جرى تحديد أسعار الفائدة الحقيقية المتوازنة عند مستوى أدنى من أي وقت مضى على مدار الأعوام القليلة المقبلة، كما يبدو مرجحا، فربما حان الوقت لتلقي البنوك المركزية والحكومات نظرة متأنية وجادة وعاجلة على هذه الفكرة.
خاص بـ«الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي