للسلام والريادة الاقتصادية
كان خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، واضحا شفافا، واثقا صادقا، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، تماما مثل الخطابات كلها التي توجهها المملكة من خلال المنابر الدولية. فسياسة البلاد واضحة ثابتة، خصوصا في القضايا الاستراتيجية التي تهمها داخليا، وتلك التي تهم المنطقة والعالم. السعودية التي ترأس الدورة الحالية لـ"مجموعة العشرين"، تقوم - في الواقع - بدور قيادي دولي، حققت من خلالها قفزات نوعية على صعيد مواجهة الأزمات بأشكالها كلها، ومعالجتها أيضا، وطرحت المبادرات التي تجمع القوى المؤثرة في الساحة الدولية، لنزع فتيل هذه الأزمات، ولتخفيف ضرباتها، ولمحاصرتها، وللوقوف إلى جانب القضايا العادلة، وللجم الأطراف التخريبية هنا وهناك، ولإحقاق الحق بصرف النظر عن أي تبعات لذلك. وهي تستند في ذلك إلى قيادتها العالم الإسلامي، وإلى تمسكها بالإسلام، بسماحته وإنسانيته وسلامه وتسامحه.
خادم الحرمين الشريفين، كان واضحا، فالمملكة تعمل من أجل الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة والعالم، وفي الوقت نفسه اتبعت استراتيجية البناء والتنمية والازدهار، ومحاكاة المستقبل عبر رؤية المملكة 2030، فهي تطمح إلى أن يكون اقتصادها رائدا، ومجتمعها متفاعلا مع محيطه وعالمه، ومسهما بفاعلية في نهضة البشرية وحضارتها. هذا هو توجه السعودية الحضاري والإنساني والتنموي، وعلى هذا الأساس، تتحرك في جميع الاتجاهات، ليس فقط لتحقيق أهدافها، بل للمساعدة على تحقيق أهداف تصب كلها في المصلحة الإنسانية. ومن أجل ذلك، وقفت في وجه المشاريع التخريبية الإرهابية الإيرانية، التي يصدرها نظام الملالي إلى الخارج، ولا سيما إلى عدد من البلاد العربية، مثل اليمن وسورية ولبنان، وغيرها. فضلا عن أن الرياض، أطلقت مجموعة من المبادرات الفاعلة حقا، على صعيد مكافحة الإرهاب بأشكاله، وتعرية أولئك الذين يربطون الإسلام به.
ومن هنا، يمكن القول إن الإنجازات، التي تحققت في هذا المجال، كانت بفضل الحراك السعودي الذي لم يتوقف، بما في ذلك تقديم الدعم المالي للخلاص نهائيا من الإرهاب، إضافة إلى التعاون الذي لا يتوقف مع القوى المعنية بهذا الشأن. سياسة السعودية تجاه المنطقة والعالم، واضحة إلى أبعد الحدود، فهي تقف بقوة ضد التدخلات الإيرانية في الدول العربية، كما أنها وقفت مع الشعوب العربية، التي تعرضت للظلم من نظام إيران الذي حول بلاده إلى دولة مارقة منذ أربعة عقود، مع التأكيد على الثوابت السعودية المعهودة، فيما يخص القضية الفلسطينية، التي أولتها السعودية مجموعة من التحركات والمبادرات، صارت محورا عالميا للحل السلمي بقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
لا تراجع عن الثوابت، ولا سيما تلك التي تخص الشأن العربي والإسلامي، كما أنه لا تراجع عن مخططات المملكة للقضاء نهائيا على الإرهاب، ووقف آلة الدمار الإيرانية هنا وهناك، والتصدي للمشاريع التي تستهدف الشعوب المظلومة، ورفع الظلم عنها، سواء مباشرة، أو عبر المساعدات، التي جعلت المملكة من أكبر الدول المانحة على مر الأعوام. والسعودية لا تفرق في هذا المجال بين شعب وآخر، فالمهم أن تصل المساعدات إلى من يستحقها، وهذا هو المبدأ الإنساني، الذي كلفت الرياض نفسها به. خادم الحرمين الشريفين، أعطى في خطابه أمام الأمم المتحدة، أبعادا للعمل الدولي لا بد منها كي يمضي العالم نحو آفاق جديدة، للتخلص من الظلم، وللوقوف في وجه الإرهاب، ولمنع أي دولة من ممارسة "إرهاب الدولة"، فضلا عن التحرك الناجح في مواجهة وباء كورونا المستجد، الذي خصصت له المملكة أكثر من 500 مليون دولار للقضاء عليه، ولمساعدة الشعوب التي نال منها بصورة كبيرة، وهي ليست قادرة اقتصاديا على الصمود.