الثورة الصناعية الرابعة .. مهارات ووظائف جديدة

في العقود الماضية، كان التقدم التكنولوجي ملحوظا. حيث أتاحت التغييرات التكنولوجية السريعة والكبيرة فرصة لتحسين حياة الإنسان، لكنها أيضا أحدثت مخاوف بشأن المستقبل.
أحد أكبر المخاوف المتعلقة بالتقنيات الجديدة هو أن الروبوتات والذكاء الاصطناعي سيحلان محل العامل البشري في العمل، ما يؤدي إلى البطالة التكنولوجية.
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها الإنسان التقدم التكنولوجي كتهديد لوظائفه. في القرنين الـ 19 والـ 20، كان للثورة الصناعية واستخدام الآلة للتصنيع والزراعة واختراع المركبات للتنقل كلها أحدثت موجة كبيرة من التقدم، ظهرت مخاوف مماثلة، لكنها لم تثبت صحتها، أدت الإنجازات التكنولوجية لهذه القرون إلى توفير فرص عمل جديدة عوضت بالكامل عواقب اعتماد التكنولوجيا الجديدة الموفرة للوظائف.
تشير دراسة حديثة صادرة عن معهد ماكينزي العالمي إلى أن ما يقرب من خمس القوى العاملة العالمية سيتأثر باعتماد الذكاء الاصطناعي الأتمتة، مع التأثير الأكثر أهمية في الدول المتقدمة مثل المملكة المتحدة وألمانيا والولايات المتحدة.
بحلول عام 2022، يعتقد 50 في المائة من الشركات أن الأتمتة ستقلل عدد موظفيها بدوام كامل وبحلول عام 2030، ستحل الروبوتات محل 800 مليون عامل في جميع أنحاء العالم.
في حين أن هذه الأرقام قد تبدو محبطة، فقد تمثل أيضا ببساطة تغييرا داخل القوى العاملة ويمكن للموظفين بالمهارات المناسبة القيام بأدوار أكثر فائدة.
أفاد المنتدى الاقتصادي العالمي بأن 38 في المائة من الشركات تعتقد أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي الأتمتة ستسمح للموظفين بتنفيذ وظائف جديدة تعزز الإنتاجية بينما يعتقد أكثر من 25 في المائة من الشركات أن الأتمتة ستؤدي إلى ظهور مهارات جديدة يتبناها الموظفون.
يمكن أن تؤدي هذه التحولات إذا تمت إدارتها بحكمة إلى عصر جديد من العمل الجيد والوظائف الجيدة وتحسين نوعية الحياة للجميع، تعد التغييرات في القوى العاملة والتقدم التكنولوجي أمرا طبيعيا ومتوقعا من أي مجتمع نام.
يشعر البعض بالقلق من أن الثورة الصناعية الرابعة يمكن أن تحدث عالما بائسا حيث أخذت الروبوتات وظائفنا، ومع ذلك، فإن أتمتة المهام الرئيسة يمكن أن تقضي على الجوانب الأكثر تعقيدا لوظائفنا وتسمح للموظفين البشريين بالتركيز على مهام أكثر جدوى وإنجازا.
نعتقد أن الثورة الصناعية الرابعة سيكون لها تأثير إيجابي في الأغلب على مستقبل العمل. سيسمح لنا بالتركيز على مهام أكثر جدوى ومساعدة الأشخاص في كل صناعة على إكمال وظائفهم إلى مستوى أعلى.
توضح رؤية المملكة 2030 فرصة جيدة للاستفادة من التقنية، وأن التقنية ستكون أساسية في تحقيق أهداف "رؤية 2030"، حيث تمر المملكة بعملية تغيير وإصلاح شاملة على جميع المستويات.
وعلى صعيد مجموعة العشرين شدد الوزراء المعنيون بالتقنية والاتصالات في اجتماعهم في مارس 2020 على الدور الواعد الذي تلعبه التقنيات الرقمية والسياسات ذات الصلة والعمل على الاستفادة منها لتلبية ما تم الالتزام به في القمم الاستثنائية لقادة مجموعة العشرين.
وأكد وزراء العشرين على سعيهم في العمل بشكل مشترك للاستفادة من التقنيات والحلول الرقمية لتمكين الأفراد والشركات من الاستمرار في المشاركة في النشاط الاقتصادي، كما دعموا استخدام التقنيات والحلول الرقمية الآمنة والمبنية على الأدلة والمتمحورة حول الإنسان، والسياسات الناتجة عنها بطريقة تحترم خصوصية الأفراد وأمنهم وحقوقهم الإنسانية، ومواصلة تعزيز العمل الرقمي وتطوير المهارات الرقمية الأساسية في الشركات والمؤسسات العامة والمدارس والجامعات، وتشجيع الاستخدام الموسع والآمن للأدوات التي تسهل العمل والتعلم عن بعد، وبالتالي دعم استمرارية النشاط الاقتصادي والاجتماعي قدر الإمكان.
الآثار المترتبة على سوق العمل السعودية هي أن عديدا من المهن الأكثر تعرضا للخطر مع تطور الثورة الصناعية الرابعة هي مهام منخفضة المهارة والأجر ومتكررة، ويضطلع بها في الأغلب العمال الوافدون. إذا كانت هذه الأدوار مؤتمتة، فسيلزم تطوير وظائف جديدة في مجالات أخرى بمهارات وتخصصات تتماشى مع التطورات في سوق العمل يعمل بها مواطنون مؤهلون.
منذ بداية عام 2017 حتى الربع الثاني من عام 2018، غادر 1.1 مليون وافد المملكة مع زيادة رسوم العمال وعائلاتهم. لكن في الوقت نفسه، ظل معدل البطالة السعودي في ذلك الوقت عند 12.9 في المائة، ما يشير إلى أن استبعاد العمال الأجانب من سوق العمل لم يوفر عددا مكافئا من الوظائف للمواطنين. سيحتاج السعوديون للحصول على وظائف تتماشى مع الثورة الصناعية الرابعة إلى تعلم مهارات جديدة إذا أرادوا التكيف مع التكنولوجيا.
من المحتمل أن يفقد البعض عمله، ويكون هذا صحيحا لكل من العمال غير المهرة أو الموظفين الذين تنطوي مهامهم المهنية على مهام متكررة. لتحقيق أقصى استفادة من التقدم التكنولوجي الذي يحدث حول العالم. هناك حاجة إلى تشجيع الابتكار وريادة الأعمال، وإطلاق العنان لإمكانات المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم SMEs، وتعزيز توطين الإنتاج وتحسين التعليم لتنمية مهارات الشباب.
إن السياسة الأساسية التي يجب اتباعها لتقليل تعرض الموظفين لمخاطر الأتمتة هي الاستثمار في التعليم والتدريب للأشخاص من جميع الأعمار حتى يكونوا قادرين على التكيف بشكل أفضل مع التقنيات الجديدة والرقمنة.
وبشكل أكثر تحديدا، يدعم التدريب العملي للمهنيين من خلال برامج إعادة الصقل وزيادة المهارات المتعلقة بالوظيفة لمساعدة الناس على التعرف على التقنيات الجديدة وزيادة قدرتهم على المنافسة في سوق العمل، التعليم العملي وتدريب الأطفال والشباب على التقنيات الجديدة للدخول إلى سوق العمل ولديهم المهارات المناسبة والمعرفة اللازمة، الارتباط المباشر بين التعليم وسوق العمل، التدريب في العلوم والتكنولوجيا والهندسة، والرياضيات، برامج تعلم الكبار والتعلم مدى الحياة لمساعدة كبار السن على التكيف بسلاسة مع التقنيات الجديدة والرقمنة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي