تجديد مفاهيم التسامح

 
تمثل الجهات والهيئات الدينية حجر الزاوية في حماية المجتمعات، عبر تكريس القيم الدينية فيها المستندة إلى التسامح والمحبة والسلام وحماية الإنسانية، بصرف النظر عن أي انتماءات دينية. وهذه الهيئات تتمتع بسلطة أخلاقية على مستوى المجتمعات كافة، الأمر الذي عزز دورها عبر الأزمنة، وفي كل الحالات، سواء تلك التي تشهد الأزمات، أو التي تتمتع بالانفراجات. دورها شامل وضروري ومهم جدا من أجل صيانة وحماية الإنسان أولا وأخيرا، فضلا عن أنها تقف بقوة ضد التوجهات المتطرفة، التي تأتي من هذه الجهة أو تلك. فهذه الهيئات والقيادات الدينية لعبت، ولا تزال، دورا أساسيا في نشر التسامح، وتوضيح الصورة الحقيقية للدين الذي يمثلونه، ولا سيما في ظل تناثر وانتشار المتطرفين في هذه المنطقة أو تلك، الذين خرجوا في الواقع عن ثوابتهم ودينهم.

وهنا تكمن أهمية انعقاد منتدى القيم الدينية السابع لـ"مجموعة العشرين" برعاية وتنظيم السعودية التي تترأس الدورة الحالية لهذه المجموعة المحورية، التي أخذت زمام المبادرة العالمية منذ أكثر من عقد من الزمن. والمنتدى انعقد افتراضيا بسبب الظروف التي أوجدها وباء كورونا المستجد، شارك فيه أكثر من 500 شخصية دينية من 90 دولة، الأمر الذي يؤكد مجددا أهمية مثل هذه المنتديات على جميع الأصعدة، خصوصا في ظل اهتمام السعودية بهذا الجانب الحيوي، الذي لا يعالج المشكلات الراهنة فحسب، بل يدعم الحلول لأي قضايا قد تحدث في المستقبل. كما أنه يضع مفاهيم جديدة، ويقوم بتجديد المفاهيم القائمة إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك، الأمر الذي يمنح الهيئات والشخصيات الدينية مزيدا من النشاط والمرونة أيضا.

المنتدى الذي عقد برعاية الرياض، تناول مجموعة من القضايا، لكن القضية المحورية الراهنة تمثلت في التزام الهيئات الدينية بالحد من مخاطر الكوارث، في حين يشهد العالم حاليا وباء مرعبا فاجأ الجميع دون استثناء، ولا يزال خارج السيطرة حتى اليوم، الأمر الذي يزيد من أهمية الدور الذي تقوم به الهيئات الدينية المشار إليها. فمثل هذه الجهات تتمتع بتأثير قوي ضمن شرائح المجتمع، ويرتفع تأثيرها في ظل الاضطرابات والكوارث الطبيعية، بما في ذلك - بالطبع - الأزمات الصحية، مثل تفشي وباء كورونا.

الهيئات والقيادات الدينية قادرة على توجيه الإنذارات المبكرة، وتخفيف المعاناة الإنسانية، والمساعدة على التأقلم، وتوفير القيادة اللازمة، خصوصا على صعيد سلوك الناس ومواقفهم. علما بأن هذه الجهات لعبت بالفعل دورا مهما فور انتشار كورونا، ولا تزال تقوم بأدوار مختلفة في هذا المجال. هذا المنتدى المهم الذي استمر خمسة أيام، يؤكد مجددا جدوى الرسالة التي حملت المملكة نفسها بها، التي تتبنى السلام والتعايش في العالم أجمع، وتصون الإنسانية في كل مكان.

وهذا يبرز حقيقة وقوف السعودية دائما ضد الكراهية والعنصرية، فضلا عن رفضها المطلق لاستخدام الشرائع لتحقيق أهداف إرهابية وتخريبية وعنصرية وشخصية. وهذا في الواقع يدخل في استراتيجية السعودية التي تسندها محورية الرياض على الساحة الدولية، عبر دورها النشط في كل القضايا المطروحة التي تهم الإنسانية عموما. وعلى هذا الأساس، حقق منتدى القيم الدينية السابع نجاحا دفع المشاركين والمراقبين إلى الإشادة به، وهذا يؤكد أهمية الاستمرار في نهج المملكة على هذه الساحة المهمة جدا. فدور الهيئات والقيادات الدينية يشمل كل الأوضاع، ومطلوب الآن أكثر في زمن الأزمات الكبرى، كتلك التي يشهدها العالم الآن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي