صناديق الريت السعودية تتفوق على نظيراتها في الأسواق الناشئة والأمريكية مجتمعة رغم تداعيات الجائحة

صناديق الريت السعودية تتفوق على نظيراتها في الأسواق الناشئة والأمريكية مجتمعة رغم تداعيات الجائحة

حققت صناديق الاستثمار العقارية المتداولة "الريت "، المدرجة في السوق السعودية، خلال شهر أيلول (سبتمبر) الماضي أداء متميزا على الصعيد الدولي.
وأسهمت مكونات المؤشر الفرعي الخاص في السعودية في تحقيق مكاسب كبرى على صعيد مؤشر فوتسي إبرا ــ ناريت العقاري العالمي، حيث تخطت نظيراتها في الأسواق الناشئة والسوق الأمريكية مجتمعة.
يأتي التفوق الدولي لصناديق الريت السعودية (ضمن مكونات مؤشر فوتسي) على الرغم من تأثر أعمال الصناديق العقارية المتداولة بالجائحة، سواء على الصعيد المحلي أو العالمي، ما تسبب في الضغط على العقود الإيجارية وانخفاض أسعارها في البورصات، التي تتداول بها.
وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، مساهمة تسع جهات محلية بدفع مؤشر فوتسي إبرا ــــ ناريت العقاري الفرعي السعودي، الذي يختص بصناديق الاستثمار العقارية المتداولة والشركات العقارية، المؤشر لتحقيق مكاسب بلغت 8.24 في المائة خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، ومكاسب من خانتين بمقدار 23.1 في المائة خلال ثلاثة أشهر.
في حين حققت صناديق الريت في مؤشر الأسواق الناشئة خسائر بمقدار 2.85 في المائة، والأمريكية بمقدار 3.19 في المائة خلال الشهر الماضي.
ويحتوي مؤشر فوتسي إبرا ــ ناريت العقاري للأسواق الناشئة على أكثر من 140 صندوق استثمار عقاري متداول وشركة عقارية موزعة على 16 دولة ناشئة. في حين يحتوي مؤشر "إم إس سي آي" لصناديق الريت الأمريكية على 141 صندوق ريت مدرجة في أسواق الأسهم الأمريكية.

مقارنة الأداء بين سوقين

تعد مؤشرات قياس أداء الجهات المدرجة في البورصات المحلية والدولية الخيار المفضل لشركات إدارة الأصول العالمية من أجل قياس أداء فئة معينة من الصناديق القابلة للتداول في البورصة (ETF) أو الأسهم (على سبيل المثال الشركات ذات رأس المال الصغير) مع نظيرتها من الفئة نفسها في منطقة جغرافية أخرى.
وذلك بدلا من الطريقة التقليدية الخاصة بقياس أداء سوق الأسهم بمجملها، التي تتفاوت حركتها، وفقا لصغر أو كبر حجم السوق أو أعداد الشركات المدرجة بها (وقيمتها السوقية)، التي تتباين من سوق لأخرى.
ولذلك أوجدت مؤشرات قياس أداء الأسهم، كـ"فوتسي" على سبيل المثال، سوقا جديدة عبر إيجاد البيئة المناسبة، أو المنصة، التي مكنت شركات إدارة الأصول من إطلاق صناديق استثمارية مفصلة خصيصا لقياس أداء مجموعة معينة من الأسهم، التي ترتبط بعدة عوامل مشتركة، كونها متخصصة في القطاع العقاري وعالية السيولة من حيث التداول، ويسمح للمستثمرين الأجانب بالاستثمار فيها.
وبهذا يستطيع المستثمر قياس أداء الشركات السعودية ذات الرأس المال الكبير مع نظيراتها من الأسواق العالمية الأخرى، التي تشترك معها بالمميزات نفسها، الأمر الذي يجعل مقارنة قياس أداء تلك الشركات، بين منطقتين جغرافيتين، أكثر منطقية وواقعية، مقارنة بالطرق التقليدية، التي يستعين بها بعض المتداولين، التي تفتقد إلى أدوات المقارنة المعيارية بين بورصتين مختلفتين.
ويتم تعريف المؤشر كمقياس إحصائي، عادة من سعر أو كمية، ويتم حسابه من مجموعة تمثيلية من البيانات الأساسية. ويعد الدور الأكثر شيوعا للمؤشر كونه معيارا إرشاديا، ويمكن وصفه بأنه المعيار، الذي يمكن من خلاله قياس أداء الأداة المالية، ومن خلال هذا الدور، يوفر المؤشر طريقة لقياس أداء شريحة معينة من السوق المالية، مثل المقارنات داخل المنطقة الجغرافية، أو قطاع الصناعة أو غيرها من الأصول.

الأعلى وزنا

أسهمت صناديق الريت في جعل السعودية تحتل المرتبة التاسعة من حيث الوزن الأعلى ضمن مؤشر فوتسي إبرا ــــ ناريت العقاري الخاص بالأسواق الناشئة، وذلك بنسبة تصل إلى 1.72 في المائة من وزن المؤشر عبر ثمانية صناديق وشركة عقارية.
وأدى إقبال المستثمرين المحليين والأجانب على صناديق الريت المحلية، ضمن المؤشر، إلى رفع قيمتها السوقية إلى 2.84 مليار دولار. وأسهم ذلك في جعل السعودية تحتل المرتبة الثانية كأعلى وزنا ضمن مؤشر فوتسي إبرا ــــ ناريت العقاري الخاص بدول الشرق الأوسط وإفريقيا، لتشكل ما نسبته 22.98 في المائة من الوزن العام للمؤشر.
واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، إلى البيانات الصادرة من الجهات، التي تدير مؤشرات قياس الأداء العالمية كـ"فوتسي" و"إم إس سي آي" ومصادر أخرى كـ"بلومبيرج"، حيث توفر جميع مؤشرات قياس الأداء خيارات متعددة لكل مؤشر.
واعتمد رصد "الاقتصادية"على سبيل المثال على "مؤشر العائد الإجمالي، الذي يتضمن الأرباح المستحقة (TR)" التي تأخذ في الحسبان إعادة استثمار التوزيعات الدورية بسعر المؤشر، أي بعبارة أخرى، مستوى مؤشر العائد الإجمالي (العوائد المستحقة تضاف إلى أسعار الأسهم أو صناديق الريت).

كساد عقاري عالمي

أثرت تداعيات جائحة كورونا في معظم مبيعات المساكن والعقارات التجارية في الأسواق المتقدمة والناشئة، خاصة بعواصم المال، التي تعتمد إيجاراتها على الأثرياء والمصرفيين، وكذلك العقارات المرتبطة بالتجزئة.
في حين تشهد بعض المدن هجرة بعض قاطنيها إلى الريف بعد تفشي جائحة كورونا، خاصة خلال النصف الأول من العام الجاري، خوفا من العدوى أو بعد فقدان وظائفهم. وأسهم ظهور الموجة الثانية للجائحة في بعض الأسواق الدولية في إحداث كساد للقطاع العقاري، ما أثر في أداء صناديق الريت، حيث أصبح بعض المستأجرين من الشركات والأفراد غير قادرين على دفع تلك الإيجارات.

أداء متميز في سبتمبر

يتزامن الأداء المتميز لصناديق الريت المحلية الشهر الماضي، على صعيد مؤشر فوتسي إبرا ــ ناريت العقاري، مع تسجيل الصناديق العقارية المتداولة أواخر أيلول (سبتمبر) واحدة من أكبر المكاسب الأسبوعية منذ إدراج الصناديق في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، وصاحب هذه المكاسب أحجام تداول هي الأعلى على الإطلاق، بحسب رصد سابق لصحيفة "الاقتصادية".
ومن المعروف أن الصناديق العقارية المتداولة لا تشهد تذبذبات عالية أو تداولات نشطة، بحكم طبيعتها الاستثمارية من خلال التوزيعات النقدية الدورية لمساهميها، لذلك، فإن معدل التذبذب الأسبوعي للقطاع في حدود 2 في المائة صعودا أو هبوطا، إلا أن هناك حالات نادرة تجد نشاطا محموما، كما حدث في أيلول (سبتمبر) الماضي.

انضمام 2019

ومعلوم أن شركة السوق المالية السعودية "تداول" قد أعلنت في حزيران (يونيو) 2019، انضمامها إلى مؤشر فوتسي إبرا ــ ناريت العقاري العالمي، حيث يختص بصناديق الاستثمار العقارية المتداولة والشركات العقارية.
وعلى غرار المؤشرات العالمية الأخرى، تم اختيار مجموعة من الأوراق المالية المدرجة للانضمام إلى المؤشر ومراجعتها بشكل دوري، وتم الإعلان عن مكونات المؤشر على موقع مؤشر فوتسي إبرا ــــ ناريت العقاري.
ويأتي انضمام السوق المالية السعودية إلى المؤشرات العقارية العالمية للأسواق الناشئة، كخطوة لرفع مستوى صناديق الاستثمار العقارية في السعودية ومواكبتها مع الممارسات العالمية، إضافة إلى تعزيز مستوى الشفافية، وتمكين صناديق الريت من استقطاب مزيد من المستثمرين الأجانب وتوسيع قاعدة المستثمرين.
كما يأتي هذا الانضمام نتيجة العمل الدؤوب من قبل "تداول" في توعية ودعم صناديق الاستثمار العقارية المتداولة والشركات العقارية في استيفاء متطلبات وشروط الانضمام لهذا المؤشر.
وبحسب دائرة الأبحاث والمؤشرات في "إبرا"، فإن القطاع العقاري في السعودية يعد الأكبر في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا من حيث القيمة السوقية، الذي أصبح الآن متاحا للمستثمرين الأجانب بسبب انضمام صناديق الاستثمار العقارية المتداولة إلى مؤشر فوتسي إبرا ـــ ناريت العقاري العالمي، وأن تحقيق التوسع (في نوعية المستثمرين) هو أمر مهم للسوق المالية السعودية على اعتبار النمو السكاني وإجمالي الناتج المحلي، الذي يفوق متوسط الأسواق النامية.

الأصول المتنوعة والتوزيعات

يحتوي كل صندوق "ريت" على محفظة متنوعة من الأصول العقارية، مثل الشقق والمباني السكنية والمساحات المكتبية ومراكز التسوق والمحال التجارية والفنادق. في حين تميل بعض الصناديق نحو تطوير مبان جديدة أو شراء مبان قائمة بغرض تحسينها ومن ثم رفع قيمتها السوقية.
وبغض النظر عن الاستراتيجية المتبعة من مدير الصندوق، فإن هذا الوعاء الاستثماري يجلب معه تدفقات نقدية (أي الدخل) من خلال تأجير أو بيع تلك العقارات بعد أن ترتفع قيمتها. وبعد ذلك يتم توزيع العائد النقدي على مالكي الوحدات بصورة منتظمة، وذلك في حالة عدم وجود ظروف اقتصادية قاهرة، حيث إن تلك الصناديق ملزمة بتوزيع 90 في المائة على الأقل من صافي الأرباح على مالكي الوحدات.
ومع ذلك أعادت الجائحة أهمية احتفاظ مديري الصناديق بنسبة من الدخل للتحوط من حالات الركود الاقتصادي وانخفاض معدلات الإشغال وتخلف المستأجرين عن السداد. ويولي بعض المستثمرين المتمرسين أهمية بالغة لتفاصيل الدخل التشغيلي وحجم النقد المتاح للتوزيع لصندوق الريت. وهذان المقياسان يساهمان في قياس أداء الصندوق خلال فترة زمنية معينة ويحدد إمكانية ما قد يتحصل عليه مالكو الوحدات العقارية.

ماهية صناديق الاستثمار العقارية المتداولة

هي صناديق استثمارية عقارية متاحة للجمهور، يتم تداول وحداتها في السوق المالية وتعرف عالميا بمصطلح "ريت أو ريتس"، وتهدف إلى تسهيل الاستثمار في قطاع العقارات المطورة والجاهزة للاستخدام، التي تدر دخلا دوريا وتأجيريا، وذلك بحسب موقع "تداول".
وتتميز صناديق الاستثمار العقارية المتداولة بانخفاض تكلفة الاستثمار فيها، مقارنة بصناديق الاستثمار العقارية الأخرى والتزامها بتوزيع 90 في المائة من صافي أرباحها دوريا (سنويا) كحد أدنى. كما يمكن لهذه الصناديق الاستثمار محليا وإقليميا وعالميا بشرط ألا يزيد إجمالي قيمة أصول الصندوق من العقارات خارج السعودية على 25 في المائة، وذلك وفقا لسياسات واضحة ومحددة من قبل هيئة السوق المالية.
صناديق الاستثمار العقارية المتداولة- كغيرها من الأدوات الاستثمارية في السوق المالية- تخضع إلى الرقابة والإشراف من جانب هيئة السوق المالية و"تداول"، كل بحسب اختصاصه. كما تلزم أنظمة السوق المالية صناديق الاستثمار العقارية المتداولة بمستويات عالية من الشفافية والإفصاح تفوق تلك المفروضة على خيارات الاستثمار المتاحة في سوق العقار التقليدية.
وتتميز صناديق الاستثمار العقارية المتداولة بعدة خصائص كسهولة الاستثمار بها، ولا سيما وضوح أنظمتها وسهولة التعامل بوحداتها– بيعا وشراء– بشكل مماثل للأسهم المدرجة في السوق المالية، إضافة لذلك، تحتوي تلك الصناديق على أصول عقارية منشأة ومطورة وجاهزة للاستخدام ومدرة للدخل الناتج عن الإيجارات أو التشغيل.
وتتميز كذلك بالشفافية العالية عبر التزام مدير الصندوق بتقديم تقارير دورية عن الصندوق ويتم عرضها على موقع تداول كغيرها من التقارير الخاصة بالشركات المدرجة في السوق المالية.

وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة