الوساطة الرقمية

يعد التحول الرقمي في وقتنا الحاضر أحد أهم القضايا في مجال الأعمال، حيث تقود التقنيات الحديثة وتيرة التغيير التي تتحدى العملاء بطرق جديدة. ويمكن أن تكون السرعة مذهلة في بعض الأحيان، لكن العملاء يقدرون تلك التقنية التي تمكنهم من تبادل القيم بطرق سريعة وذكية. ويمكن أن يساعد التحول الرقمي الشركات على إنشاء نماذج بسيطة ومتطورة وتقديم قيم عظيمة. لقد أصبحت الحدود بين الصناعات في العالم الرقمي متداخلة وكذلك التمييز بين الشركاء والمنافسين، وتعد العلاقات الحالية بين الشركات اليوم مزيجا متغيرا باستمرار بين المنافسة والتعاون. ومن أهم معالم المنافسة الرقمية هو تمكن نشاط تجاري جديد من إدخال نفسه كوسيط بين العملاء والشركة، التي كانت تبيعهم مباشرة تلك القيمة أو البضاعة في متسلسلة القيمة، أو ما يسمى الوساطة الرقمية Digital Inter mediation. وعليه تحدث الوساطة عندما تبني المنصة الرقمية قاعدة كبيرة من العملاء وتصبح واجهة قيمة لهم، حيث لا تستطيع الشركات الأخرى تحمل تكلفة تخطي الوصول إلى العملاء من خلال تلك المنصة. وبلا شك تتمثل الفائدة التي تعود على الوسيط الجديد في أنه يستخلص حتما رسوما أو فوائد تعود بالنفع إلى الشركة بصورة أساسية وغالبا ما يستحوذ على قدر كبير من القيمة. من الملاحظ أن شركات الوساطة الرقمية لا تتطلب حيزا من المكاتب أو موظفين كثرا أو فكرا تقليديا مبنيا على الاتصال الشخصي، لكن تقوم الوساطة الرقمية على إنشاء منصة لإيجاد قيمة متبادلة من خلال تسهيل التفاعل المباشر بين نوعين مميزين أو أكثر من العملاء. على سبيل المثال تمكنت شركة فيسبوك Facebook من إدراج نفسها كوسيط بين قراء الأخبار والمنشورات الإخبارية التي كانت تصلهم مسبقا مباشرة، سواء من خلال الإصدارات المطبوعة أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتطبيقات الخاصة بهم.
إن العميل يمثل النقطة الأقوى في متسلسلة القيمة ودائما ما ترتكز أنشطة شركات الوساطة الرقمية حول العميل، حيث تدخل نفسها معه مباشرة في تبادل قيم وتفاعل مباشر. ولقد طبقت الوساطة الرقمية في بعض الصناعات في المملكة مثل، بعض الخدمات المصرفية والمالية وتداول الأسهم والعملات والتأمين وإيصال الأطعمة، وكذلك الأسواق والمتاجر الإلكترونية التي تشابه عمل شركة Ebay وغيرها. على سبيل المثال، لاقت تطبيقات إيصال الأطعمة من المطاعم وكذلك تطبيقات إيصال الخضراوات والفاكهة والأغذية وغيرها من المتاجر العامة، رواجا على المستويين المحلي والعالمي خلال جائحة كورونا، حيث أجبر الناس على الحظر الكامل ووجدت الفرصة الذهبية لهذا الوسيط الرقمي، وحقا كانت منقذا خلال الجائحة ولا تزال تلك التطبيقات تتمتع بفرص الوساطة الرقمية. ومع ذلك، يوجد كثير من الصناعات والخدمات على المستوى المحلي التي تنتظر إدراج الوسيط الرقمي في منظومتها وقيمها، وقد تنتظر التشريع المناسب أو الجدوى الاقتصادية في الدخول مع العميل مباشرة. إن على رواد الأعمال دراسة السوق واستهداف العميل المناسب ومن ثم البحث عن القيم التي تلتصق مباشرة بالعميل، وقد يكون بصورته الشخصية أو الاعتبارية. لذلك فمن المتوقع أن تظهر صور من الإبداع والابتكار في دراسات اجتماعية عن سلوك العملاء السكنيين أو دراسات سوقية عن العملاء التجاريين والصناعيين، وعندها ستتجلى مشاركة الوسيط الرقمي في متسلسلة القيمة بما يخدم العميل نفسه ويحسن توقعاته ورضاه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي