الحد من الفقر يتطلب التعاون لتحقيق الانتعاش «3من 3»

يعرض تقرير الفقر والرخاء المشترك الصادر هذا العام 2020 توصيات بشأن اعتماد نهج تكميلي ذي مسارين: الاستجابة بفعالية للأزمة الملحة على المدى القصير مع الاستمرار في التركيز على مواجهة مشكلات التنمية الأساسية، بما في ذلك الصراعات وتغير المناخ وذلك وفق الخطوات والنقاط التالية.
ـ سد الفجوات بين تطلعات السياسات وتحقيقها
في كثير من الأحيان، توجد فجوة واسعة بين السياسات كما تتوخاها الحكومات من جهة، وتنفيذها في الواقع العملي من جهة أخرى، وبالتالي بين ما يتوقعه المواطنون بحق وما يواجهونه يوميا.
ويمكن أن تكون التطلعات التي تتوخاها الحكومات في السياسات جديرة بالثناء، ولكن من المرجح أن يكون هناك تباين كبير في مدى إمكانية تحقيقها، والفئات التي تستفيد منها. فعلى سبيل المثال، على المستوى المحلي، قد لا تتمكن الفئات الأقل تأثيرا في المجتمع المحلي من الحصول على الخدمات الأساسية. وعلى الصعيد العالمي، ستتجلى المخاوف المتصلة بالاقتصاد السياسي فيما تحصل عليه الدول الغنية والفقيرة من الإمدادات العالمية المحدودة من الأجهزة الطبية. ومن الأهمية بمكان بلورة استراتيجيات تنفيذ يمكنها أن تستجيب بسرعة ومرونة لسد الثغرات.
ـ تعزيز التعلم وتحسين البيانات
ما زلنا لا نعرف الكثير عن فيروس كورونا. وقد طغت السرعة والنطاق اللذان أثرا في العالم على أنظمة الاستجابة في البلدان الغنية والفقيرة على حد سواء. وكثيرا ما تأتي الاستجابات المبتكرة من المجتمعات المحلية والشركات التي قد تكون لديها فكرة أفضل عن المشكلات التي ينبغي أن تحظى بالأولوية وقد تتمتع بشرعية محلية أكبر لبيان القرارات الصعبة وتطبيقها مثل متطلبات البقاء في المنزل. وكلما تعلم الجميع من بعضهم بعضا بشكل أسرع، عمت الفائدة على الجميع.
فعلى سبيل المثال، تعزى استجابة كوريا التي لاقت استحسانا على نطاق واسع في مواجهة فيروس كورونا في جانب منها إلى الجهود الجدية للتعلم من "تجربتها المؤلمة" عند التصدي لفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في عام 2015.
ـ الاستثمار في التأهب والوقاية
ربما بدا تكرار استخدام المثل القائل "درهم وقاية خير من قنطار علاج" أمرا مبتذلا، لكن في اللحظة الحالية من المؤكد أن العالم يتعلم هذا الدرس مرة أخرى، لكن بالطريقة الصعبة. وفي الأغلب ما تكون المنافع السياسية للتدابير الوقائية متدنية، إذ لا يتصدر دورها في تفادي الكوارث عناوين الأخبار كما كان منتظرا. ومع مرور الوقت، يمكن للسكان الذين لا يعانون الكوارث أن يشعروا بالرضا عن أنفسهم، على أن يفترضوا أنهم قد تجاوزوا هذه المخاطر أو أن بإمكانهم التصدي لها بسهولة إذا حدثت.
ويذكرنا تفشي فيروس كورونا، إلى جانب تغير المناخ والصراعات الدائمة، بأهمية الاستثمار في تدابير التأهب والوقاية على نحو شامل واستباقي.
ـ توسيع نطاق التعاون والتنسيق
يتطلب الإسهام في المنافع العامة والحفاظ عليها تعاونا وتنسيقا على نطاق واسع. وهذا أمر بالغ الأهمية لتشجيع التعلم على نطاق واسع وتحسين الأسس المستندة إلى البيانات في وضع السياسات، وتكوين شعور بالتضامن المشترك أثناء الأزمات وضمان أن تكون الخيارات السياسية الصعبة التي يتخذها المسؤولون جديرة بالثقة.
وأخيرا، يجب أن تبدأ الاستجابات الفعالة بإدراك ما يجعل هذه التحديات لا مختلفة وصعبة فحسب، بل ذات أهمية فارقة للفقراء. إن الإحجام عن التحرك بشكل شامل وعاجل سيوجد تحديات أكبر في المستقبل. وعلى قدر الأهمية التي يكتسيها التصدي لهذه الصدمات في الوقت الراهن، يجب أن يكون هناك تركيز دائم على الأجندة القائمة للتنمية والمتمثلة في تعزيز النمو الشامل، والاستثمار في رأس المال البشري والأصول الإنتاجية وحمايتها، إذا أرادت بلدان العالم أن تواصل جهودها في مجال الحد من الفقر.
لكن من الضروري والممكن تبديد انتكاسة هائلة للحظوظ كتلك التي نشهدها في جائحة كورونا. لقد تحقق ذلك في الماضي، في مواجهة ما كان يعد في ذلك الوقت تحديات مستعصية، مثل القضاء على الجدري، وإنهاء الحرب العالمية الثانية، وسد ثقب الأوزون، وسيتم ذلك مرة أخرى في المستقبل.
ليس بمقدور بلد بمفرده أن يسيطر بشكل كاف على حالة طارئة كتلك التي يمر بها العالم الآن، فضلا عن أن يمنعها. ويجب أن تكون جهود التأهب والوقاية، والاستجابات لمواجهة الأزمة في المستقبل عالمية وتعاونية. لكن من الضروري والممكن تبديد انتكاسة هائلة للحظوظ كتلك التي نشهدها في جائحة كورونا. وقد تم ذلك عدة مرات في الماضي، وسوف يتم ذلك مرة أخرى في المستقبل. وللتصدي للتحديات الإنمائية، سواء كانت ضخمة أم صغيرة، يجب على بلدان العالم أن تلتزم بالتعاون بصورة ملحة من أجل تحقيق التعافي المرن وضمان بذل الجهود كافة لمساعدة الملايين مثل لمباو وغيرها من سكان قريتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي