ذا لاين أذكى المدن الذكية
الأمير محمد بن سلمان ولي العهد يطلق مشروع "ذا لاين" في "نيوم"، الذي يعد نموذجا لما يمكن أن تكون عليه المجتمعات الحضرية مستقبلا، ومخططا يكفل إيجاد التوازن للعيش مع الطبيعة. "ذا لاين" مدينة مليونية بطول 170كم، تحافظ على 95 في المائة من الطبيعة في أراضي "نيوم"، صفر سيارات، صفر شوارع، وصفر انبعاثات كربونية. المشروع سيكون بطاقة متجددة 100 في المائة وسيوفر 380 ألف فرصة عمل. وبدء تطوير المشروع سيتم خلال الربع الأول من عام 2021 الذي يشكل أحد أبرز مشاريع "رؤية 2030".
المدينة الذكية هي تلك المدينة التي تستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتعزيز الجودة والأداء والتفاعل بين الخدمات الحضرية، للحد من التكاليف واستهلاك الموارد، وتحسين الاتصال بين المواطنين والحكومة أو مقدمي الخدمات. وتشمل القطاعات التي تقوم على تطوير تقنيات المدينة الذكية كلا من الخدمات الحكومية، النقل وإدارة المرور، والطاقة، والرعاية الصحية، والمياه والنفايات. يتم تطوير تطبيقات المدن الذكية بهدف تحسين إدارة سير الخدمات الحضرية والقدرة على الاستجابات في الوقت الحقيقي للتحديات والأزمات. ومن المسميات الأخرى التي استخدمت لمفاهيم مماثلة للمدينة الذكية هي: المدينة الرقمية، والمجتمعات الإلكترونية، ومدينة المعلومات، والمدينة القائمة على المعرفة، والمدينة الشبكية، والمدينة السلكية، والمدينة الموجودة في كل مكان وغيرها، لكن مصطلح المدينة الذكية هو الأكثر شيوعا.
بدأت مبادرات المدن الذكية في جميع أنحاء العالم في الأعوام الأخيرة، حيث ازداد عدد سكان المدن الحضرية في العالم بشكل مطرد، وتسبب في إجهاد الموارد الحضرية. والفكرة تتمحور حول تطبيق تكنولوجيات جديدة لمواجهة تزايد التحديات الحضرية مثل حركة المرور، والنفايات، والطاقة، والنقل، والإضاءة، ووقوف السيارات، والرعاية الصحية، والعمالة، والأمن. ومعظم المدن من سان فرانسيسكو إلى سيئول، من تورونتو إلى طوكيو، بدأت بجهود محلية طموحة لإعادة التفكير وإعادة صياغة الكيفية التي تدعم بها خدمة مواطنيها.
وكما جاء في إعلان ولي العهد مشروع المدن الذكية "ذا لاين" في "نيوم"، مدينة المستقبل سيكون محورها الإنسان وسعادته وصحته. والهدف الطموح لبرنامج المدن الذكية هو تقديم دعم أفضل للسكان الحاليين والمستقبليين، وأيضا مواصلة دفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزيز التقدم البشري. وأن تصبح المدن الذكية نموذجا لكيفية بناء شراكة حكومية مع القطاع الخاص في حل مجموعة من المشكلات في العالم، حيث يتم تقييد وترشيد استهلاك الموارد على نحو متزايد.
منذ بضعة أعوام كان مفهوم المدن الذكية غير مألوف، واليوم جهود المدينة الذكية جارية في عدد من المدن في مختلف أنحاء العالم في محاولة لمعالجة النمو الحضري، والقضايا البيئية، والصحة العامة، والقيود المفروضة على الموارد. أمستردام، وبرشلونة، وبرلين، وكوبنهاجن، وهونج كونج، ولندن، ونيويورك، وباريس، وفيينا هي من بين تلك المدن مع الخطط الطموحة في مراحل مختلفة من التطوير والتنفيذ.
شكل سكان المدن الحضرية عام 2014 تقريبا 54 في المائة من مجموع سكان العالم، يمثل ارتفاع 34 في المائة من عام 1960، والنمو في استمرار. وتشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2025، معظم الناس سيعيشون في المناطق الحضرية، حتى في الدول الأقل نموا. وبحلول عام 2050، أكثر من 70 في المائة من سكان العالم سيطالب بمنزل في المدينة. هذه الحركة الجماهيرية ستوجد تحديات عديدة، بما في ذلك ندرة الموارد وتصاعد تكاليف التشغيل. وهنا تأتي جهود المدينة الذكية التي يمكن أن تساعد على تخفيف أو حل مثل هذه المتطلبات.
فالمشكلات الناجمة عن هذه الهجرة المتوقعة ليست هينة. حيث تضع المجموعات السكانية الهائلة موارد الطاقة تحت طلب هائل، وتتطلب كميات هائلة من المياه، وتولد كميات هائلة من النفايات، وتتطلب إنشاء عدد كبير من فرص العمل الجديدة.
ويمكن للمبادرات الذكية أن تقدم يد العون. على سبيل المثال، إضاءة الشوارع مع مصابيح LED الثنائيات الباعثة للضوء يمكن أن تساعد على خفض التكاليف التي تمثل حاليا ما يصل إلى 40 في المائة من ميزانية الطاقة للمدينة. لهذا السبب نفذت هيئة النقل البري في سنغافورة برنامج استبدال إضاءة الشوارع بتثبيت 4000 ضوء شارع LED على 500 طريق، وتهدف إلى حفظ ما يصل إلى 45 في المائة في تكاليف الطاقة مقارنة بالإضاءة الفلوروسنت.
أيضا من المبادرات الذكية التي لها مكان كذلك في المباني السكنية والتجارية، ويمكن تحديثها وتعديلها لتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون كما هو حاصل في معظم المدن الذكية. وأيضا بتنفيذ وإلزام البنية التحتية لدعم إدخال السيارات الكهربائية غير الملوثة أو تصميم الطرق، حيث يمكن التنقل فيها بكل بسهولة كما سيكون في مشروع "ذا لاين".
وبالنسبة للمناطق التي تعاني شح المياه، يمكن استخدام أجهزة الاستشعار لإدارة استخدام المياه، أو توفير المعلومات المهمة على مستويات تخزين المياه. ففي سانتاندير - إسبانيا، توجد أجهزة لاستشعار رطوبة التربة والكشف عنها عندما تتطلب الأرض ريا مرة أخرى وبهذا يكون استخدام المياه أكثر استدامة.
ولأن المدن الذكية يمكن أن تحفز النمو الاقتصادي، وتساعد على توليد فرص عمل جديدة، وتحسين نوعية الحياة لمواطنيها، فلا عجب أن يتوقع ترسيخ برامج المدن الذكية في أجزاء مختلفة من العالم لبناء شراكة بين الحكومات المحلية والقطاع الخاص لتحويل البلديات والاستعداد لمواجهة مستقبل مشرق. وستصبح المملكة لاعبا أساسيا في هذا الأمر الذي يشكل رمزا لمعيشة استثنائية ومستدامة، وهي الرؤية التي يطمح إليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، من خلال بناء مشروع "ذا لاين" في مدينة المستقبل "نيوم".