الإتيكيت من الإحسان
أحد أصدقائي الرائعين مغرم بالمصطلحات والكلمات والعبارات التي تعكس جانبا من مخزونه الثقافي المتين. أنا أختلف معه أحيانا في إقحامه لمفردات أجنبية خلال نقاشاته.
وقد تحدثنا ذات مساء عن بعض المفردات والمفاهيم التي تتعلق بالسلوك الإنساني الراقي.
هو كان يتحدث عن "الإتيكيت" وأنا كنت أتحدث عن "الإحسان" وهو المفهوم المتوارث، والمرتبط بالشهامة والأصالة العربية، وقبل ذلك هو قيمة من القيم الدينية. والإسلام جاء ليتمم مكارم الأخلاق.
لقد كان الإنسان العربي المسلم نموذجا من نماذج الإتيكيت، وإن كانت المفردة التي تختزل كل هذا الأمر هي الإحسان.
وكنت أقول للصديق الأثير، إن صور الإحسان أكثر مما يتصور البعض. فالابتسامة من الإحسان، وإفساح الطريق أيضا، والتلطف في الكلام، والتواضع مع الجميع، حتى تجاهلك لتنمر قائد سيارة أرعن من الإحسان.
وهذا يصدق على الإصغاء للناس، وتبادل الحديث اللطيف مع الجميع، وإلقاء السلام والرد على السلام ببشاشة، حتى لبس الكمامة وعدم استفزاز الآخرين بعدم ارتدائها من الإحسان أو الإتيكيت.
الخلاصة، إننا بالإحسان نكسب رضا الناس ورضا رب الناس، ونبدو منسجمين مع السلوك الإنساني والحضاري، أو بالتعبير الذي يفضله البعض "الإتيكيت".
يقول صديقي، إننا نحتاج أحيانا إلى إعادة تقديم المفاهيم العريقة بصورة عصرية، حتى تتقبلها الأجيال الجديدة. الفكرة تبدو فعلا لافتة.
لقد نجحنا في إعادة تقديم الأشربة والأطعمة المحلية بشكل جميل، وأصبح للكبسة وقهوتنا العربية وسواهما رواج عند شعوب كثيرة. والأمر نفسه يصدق على التراث الشعبي.
كما أن الذاكرة الإنسانية تكتنز كثيرا من القيم العربية مثل الكرم والوفاء...إلخ. ولا شك أن إعادة إعلاء مفاهيم الإحسان لدى الجيل الجديد من أبنائنا وبناتنا، سيجعلهم يشعرون بالفخر، عندما يكتشفون أن هذه القيم التي تبدو مستوردة، ليست سوى جزء من بضاعتنا الثرية التي عادت إلينا من جديد.
أسعد الله جمعتكم، وبارك في كل أيامكم.