الاقتصادات المتقدمة والانفتاح على التجارة العالمية «2 من 2»

كيف إذن قد تتمكن الدول الأكثر فقرا من تغطية تكاليف لقاحات كوفيد - 19 وتدابير الإغاثة من آثاره، فضلا عن الانتقال إلى اقتصاد أخضر؟ يخضع البنك وصندوق النقد الدوليان لضغوط هائلة لإيجاد حلول، وكان كل منهما يؤدي وظيفته بنجاح في شرح وتفسير المشكلة على الأقل. لكن مثل هذه المنظمات تفتقر إلى البنية المالية اللازمة للتعامل مع تحديات بهذا الحجم. في الأمد القريب، من الممكن أن يساعد تخصيص حقوق السحب الخاصة "الأصل الاحتياطي الذي يصدره صندوق النقد الدولي"، لكن هذه الأداة بدائية للغاية وغير مصممة للاستخدام على أساس روتيني.
كانت مؤسسات بريتون وودز التي أسست في نهاية الحرب العالمية الثانية مصممة للعمل بشكل أساسي كمرافق إقراض. لكن مثلما أعطت الدول الغنية مواطنيها تحويلات صريحة أثناء الجائحة، يجب أن يحدث الشيء ذاته في الاقتصادات النامية. ذلك أن الديون المرتفعة لن تؤدي إلا إلى تفاقم حالات العجز عن السداد المحتملة في أعقاب الجائحة، خاصة في ضوء الصعوبات التي تنطوي عليها عملية تحديد الأقدمية بين مختلف المقرضين من القطاعين العام والخاص. لفترة طويلة، كنت أنا وجيريمي بولو من جامعة ستانفورد نزعم أن المنح المباشرة أنظف من أدوات الإقراض، وهي بالتالي مفضلة عليها.
ما العمل إذن؟ بادئ ذي بدء، يحتاج العالم الغني إلى إزالة تكلفة اللقاحات من على طاولة التفاوض مع الاقتصادات النامية، جزئيا من خلال تمويل المرفق متعدد الأطراف للوصول العالمي إلى لقاح كوفيد - 19 بشكل كامل. الواقع: إن تكلفة القيام بذلك، التي تبلغ مليارات الدولارات لا تقارن بتريليونات الدولارات التي تنفقها الدول الأكثر ثراء لتخفيف تأثير الجائحة على اقتصاداتها.
لا يجوز للاقتصادات المتقدمة أن تكتفي بتغطية تكلفة اللقاحات، بل يتعين عليها أن تقدم أيضا إعانات دعما ومساعدات فنية واسعة النطاق في تسليمها. لأسباب عديدة، منها بشكل خاص أن جائحة أخرى تنتظرنا في المستقبل، يعد هذا حلا أكثر فعالية من مصادرة الملكية الفكرية من مطوري اللقاحات.
في الوقت ذاته، يجب أن تكون الاقتصادات المتقدمة التي لا تمانع في إنفاق تريليونات الدولارات على تطوير طاقة خضراء محلية، قادرة على إيجاد بضع مئات من المليارات سنويا لدعم التحول ذاته في الأسواق الناشئة. يمكن تمويل هذه المساعدة بالاستعانة بضرائب الكربون، التي قد تفرض في ظروف مثالية بوساطة من بنك كربون دولي يمثل مؤسسة عالمية جديدة تركز على مساعدة الدول النامية على إزالة الكربون.
من الأهمية بمكان أيضا أن تظل الاقتصادات المتقدمة منفتحة على التجارة العالمية، العامل الرئيس وراء تراجع حدة التفاوت بين الدول. وينبغي للحكومات أن تعكف على التصدي لفجوات التفاوت في الداخل من خلال توسيع نطاق التحويلات وشبكات الأمان الاجتماعي، وليس من خلال إقامة الحواجز التجارية التي تلحق الضرر بمليارات البشر في إفريقيا وآسيا. وسيستفيد هؤلاء الأشخاص أيضا من التوسع الكبير الذي طرأ على ذراع المساعدات في البنك الدولي - مؤسسة التنمية الدولية.
قد يكون التصدي لفجوات التفاوت داخل الدول الضرورة السياسية الحتمية في اللحظة الحالية. لكن معالجة فجوات التفاوت الأضخم كثيرا بين الدول هي المفتاح الحقيقي لصيانة الاستقرار الجيوسياسي في القرن الـ 21.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي