إلهاء التضخم وشرارة المخاوف في الأسواق المالية «2 من 2»
بدلا من الشعور بالذعر من شبح التضخم، ينبغي لنا أن نقلق بشأن ما قد يحدث للطلب الكلي عندما ينضب معين الأموال التي توفرها حزم الإغاثة المالية. لقد تراكمت مقادير ضخمة من الديون على عديد من المنتمين إلى قاع جدول توزيع الدخل والثروة - بما في ذلك في بعض الحالات أكثر من عام من متأخرات الإيجار، بسبب تدابير الحماية المؤقتة ضد الطرد من السكن.
من غير المرجح أن يعوض أولئك عند القمة، الذين جمع أغلبهم مدخرات متراكمة أثناء الجائحة، عن انخفاض الإنفاق من جانب الأسر المثقلة بالديون. ولأن الإنفاق على السلع الاستهلاكية المعمرة ظل قويا خلال الأشهر الـ16 الأخيرة، فيبدو من غير المرجح أن يتعامل الأثرياء مع مدخراتهم الإضافية كما يفعلون مع أي مكاسب أخرى غير متوقعة: باعتبارها شيئا يمكن استثماره أو إنفاقه ببطء على مدار أعوام عديدة. وما لم ينشأ إنفاق عام جديد، فقد يعاني الاقتصاد مرة أخرى عدم كفاية الطلب الكلي.
علاوة على ذلك، حتى لو أصبحت الضغوط التضخمية مثيرة للقلق حقا، فإننا نملك الأدوات اللازمة لتثبيط الطلب “واستخدام هذه الأدوات من شأنه أن يؤدي في حقيقة الأمر إلى تعزيز آفاق الاقتصاد في الأمد البعيد”. بادئ ذي بدء، هناك سياسة أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. لم يكن سعر الفائدة القريب من الصـفر طوال الأعوام العشرة الأخيرة أو أكثر، ممارسة سليمة على المستوى الاقتصادي. إن قيمة ندرة رأس المال ليست صـفرا. كما تشوه أسعار الفائدة المنخفضة أسواق رأس المال من خلال إطلاق العنان للبحث عن العائد، الذي يؤدي بدوره إلى انخفاض علاوات المخاطر بشدة. قد تكون العودة إلى معدلات فائدة أقرب إلى المستويات الطبيعية أمرا طيبا “وإن كان الأثرياء، وهم المستفيدون الرئيسون من هذه الحقبة من أسعار الفائدة الشديدة الانخفاض، ليختلفوا مع هذا الرأي”.
من المؤكد أن بعض المعلقين ينظرون إلى تقييم المخاطر من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي ويخشون أنه قد يتقاعس عن التحرك عندما يستلزم الأمر ذلك. لكني أعتقد بأن تصريحات الاحتياطي الفيدرالي كانت دقيقة وصحيحة، وأنا على ثقة بأن موقفه سيتغير إذا تغيرت الأدلة على النحو الذي يستوجب ذلك. الواقع أن غريزة محاربة التضخم متأصلة في الحمض النووي لمحافظي البنوك المركزية. وإذا لم ينظروا إلى التضخم باعتباره المشكلة الرئيسة التي تواجه الاقتصاد حاليا، فلا ينبغي لك أنت أيضا أن تعد التضخم مشكلة الآن.
تتمثل الأداة الثانية في زيادة الضرائب. يتطلب ضمان صحة الاقتصاد في الأمد البعيد قدرا أكبر كثيرا من الاستثمارات العامة، التي يجب أن تكون مدفوعة. إن نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة منخفضة للغاية، خاصة في ضوء أوجه التفاوت الهائلة في أمريكا. وعلى هذا، ينشأ احتياج عاجل إلى ضرائب أكثر تصاعدية، ناهيك عن مزيد من الضرائب البيئية للتصدي لأزمة المناخ. مع ذلك، من المفهوم تماما أن نرى بعض التردد في فرض ضرائب جديدة بينما لا يزال الاقتصاد في حالة غير مستقرة.
ينبغي لنا أن ندرك “جدال التضخم” الحالي على حقيقته: إنه مجرد إلهاء يدفع به أولئك الذين يودون لو يحبطون جهود إدارة بايدن في مواجهة بعض المشكلات الأكثر جوهرية في أمريكا. وسيتطلب النجاح مزيدا من الإنفاق العام. الواقع أن الولايات المتحدة باتت محظوظة أخيرا بوجود قيادة اقتصادية لا تستسلم لمحاولات إشاعة الخوف.
خاص بـ “الاقتصادية”
بروجيكت سنديكيت، 2021.