ثقتنا في بيتكوين «2 من 2»
خلال عام 2020، تلقت الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تحويلات مالية بلغت قيمتها 540 مليار دولار - أقل قليلا من إجمالي 2019 الذي بلغ 548 مليار دولار، وأكبر كثيرا من تدفقات الاستثمار المباشر الأجنبي إلى الداخل "259 مليار دولار عام 2020" ومساعدات التنمية القادمة من الخارج "179 مليار دولار عام 2020". وقد يؤدي خفض الرسوم إلى 2 في المائة إلى زيادة التحويلات بما يصل إلى 16 مليار دولار سنويا.
تعتمد أعمال التحويلات الكبيرة المجزأة عالميا على التحويلات الإلكترونية عبر أنظمة الدفع التابع للبنوك التجارية، وتتقاضى البنوك رسوما باهظة لاستخدام هذه البنية الأساسية والاستفادة من شبكة دولية آمنة وجديرة بالثقة. لكن الرسوم المرتفعة ليست المشكلة الوحيدة. فعديد من المهاجرين لا يملكون حسابا مصرفيا في البلد حيث يعملون، وربما تكون أسرهم في الديار أيضا بين 1.7 مليار شخص لا يتعاملون مع البنوك حول العالم. علاوة على ذلك، ربما يحتاج بعض المهاجرين إلى تحويل الأموال إلى دول غير مدمجة في نظام الدفع الدولي أو مقيدة في قدرتها على تلقي التحويلات عبر الحدود - سورية أو كوبا على سبيل المثال.
كان بقيلة محقا بشأن الحاجة إلى تحدي هذا النظام، بما في ذلك من خلال توفير بدائل منخفضة التكلفة والمخاطر. لكن بيتكوين هي الأداة الخاطئة. صحيح أنها تسمح للناس بتحويل القيمة بشكل مباشر وعلى مستوى عالمي دون وساطة مكلفة من طرف ثالث، لكن تقلبها يجعلها في أفضل تقدير أصلا من الأصول ومخزنا للقيمة شديد الخطورة، وليست وسيلة للتبادل. ويعني خطر حدوث انخفاض مفاجئ في سعرها أن المهاجرين وأسرهم في الديار لا يمكنهم أن يتأكدوا أبدا من المبلغ المحول.
بدلا من رفض تبني السلفادور لعملة بيتكوين على أنه مجرد مثال آخر على جنون التشفير، ينبغي لنا أن نتأمل في السبب الذي يجعل عديدا من الناس في مختلف أنحاء العالم على استعداد لتبني العملات الرقمية المشفرة لأغراض غير المضاربة. لعل الإجابة تكمن في حقيقة مفادها أن النظام المالي الدولي الحالي يخدمهم إما على نحو رديء أو لا يخدمهم على الإطلاق.
حققت الإبداعات في مجال النقود الرقمية، مثل خدمة تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول M-Pesa في إفريقيا، إنجازات كبيرة بغزو عديد من أنظمة الدفع في الدول النامية. لكن قدر كبير من الجهد لا يزال مطلوبا لتوفير البنية الأساسية والأطر التنظيمية اللازمة لدعم النقود الرقمية. في الوقت الحالي لا تزال التضاريس غير منتظمة.
الواقع أن الحاجة ماسة إلى سياسات منسقة عبر الحدود لضمان عدم تسبب بيتكوين والعملات المشابهة لها في إحداث قدر من الضرر أعظم من نفعها في الدول النامية. وإذا ما لم يتبن كل من القطاعين العام والخاص إصلاحات حاسمة ويحرصا على إتاحة الخدمات المصرفية الأساسية للجميع بتكاليف منخفضة، فسينجذب الناس والحكومات على نحو متزايد إلى بيتكوين وغيرها من البدائل منخفضة التكلفة، عالية المخاطر، التي تتسم بالغموض، للخدمات المصرفية التقليدية.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.