إلغاء اجتماع "أوبك +" .. أسعار النفط تتخطى 77 دولار للبرميل
تجاوزت أسعار النفط الخام أمس 77 دولارا للبرميل عقب الإعلان عن إلغاء اجتماع "أوبك+".
وبحسب "رويترز"، أغلق خام برنت على ارتفاع 99 سنتا، أو 1.3 في المائة، ليسجل عند التسوية 77.16 دولار للبرميل، بينما صعدت عقود النفط الأمريكي 1.2 دولار، أو 1.6 في المائة، إلى 76.36 دولار للبرميل عند التسوية أمس.
وتتلقى أسعار النفط الخام دعما قويا من انتعاش الطلب في موسم القيادة الصيفي، ومن اتساع نطاق توزيع اللقاحات، وتراجع المخزونات النفطية الأمريكية، بينما يقاوم المكاسب صعود الدولار الأمريكي، الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع أسعار النفط، إضافة إلى حالة الحذر من انتشار سلالة الفيروس الجديد "دلتا" في عدة دول.
ألغى تحالف دول "أوبك" وشركاؤها "أوبك+" اجتماع أمس بشكل مفاجئ بسبب صعوبة التوصل إلى اتفاق بشأن إنتاج المجموعة ولم يتم تحديد موعد آخر.
وقال محمد باركيندو، الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في بيان، إنه بعد التشاور مع الأمير عبد العزيز بن سلمان، وزير الطاقة السعودي وألكسندر نوفاك، نائب رئيس الوزراء الروسي تم إلغاء الاجتماع الوزاري الـ18 لمجموعة "أوبك+" وسيتم تحديد موعد الاجتماع المقبل لاحقا.
وأضاف باركيندو "بالنيابة عن الرئيس والرئيس المشارك نأسف لأي إزعاج".
وقالت مصادر في تحالف "أوبك+" إن الاتفاق الحالي مستمر، كما هو و"سنلتزم به".
من جانبها، أشارت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية إلى أن كبار المنتجين يؤيدون ربط سلسلة من الزيادات الشهرية في إنتاج "أوبك+" بإطالة اتفاقية إدارة الإمدادات للمجموعة حتى نهاية 2022.
وحذرت الوكالة في تقريرها نقلا عن محللين دوليين من ارتفاع محتمل أوسع في الأسعار إذا لم يزيل التحالف، الذي يضم 23 دولة مزيدا من تخفيضات الإنتاج، حيث يحجب التحالف حاليا 5.8 مليون برميل يوميا من الإنتاج.
وأوضح التقرير أن الاتفاق للمجموعة كان ينص على زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر بدءا من آب (أغسطس) وبقاء المجموعة في إدارة السوق بشكل جماعي بعد انتهاء الصلاحية الأصلية في نيسان (أبريل) 2022 خلال العام بأكمله.
وذكر أن صعوبة التوصل إلى اتفاق جديد سيعيد التحالف إلى اتفاقية الإنتاج الحالية، التي بموجبها ستبقى حصص الإنتاج ثابتة عند مستويات تموز (يوليو)، مبينا أنه من شأن ذلك أن يضغط على سوق ضيقة بالفعل، حيث تستمر الاقتصادات العالمية في التعافي من الوباء، ما يعزز استهلاك النفط.
وقال لـ"الاقتصادية، مختصون ومحللون نفطيون إن حالة تعثر المحادثات لم تمنع من تسجيل مكاسب سعرية جديدة، مشيرين إلى أن مجموعة "أوبك+" عودت السوق على تجاوز أي صعوبات والتغلب على العقبات من أجل الحفاظ على الوحدة والرؤية المشتركة لتطورات السوق.
وذكروا أن عديدا من بيانات شركات الطاقة الدولية ترجح أن يستمر ارتفاع أسعار النفط الخام في إطار قناعة قوية بأن أي زيادات في إنتاج "أوبك+" لن تكون مواكبة للنمو القوي والسريع في الطلب على النفط الخام والوقود.
وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن السعودية لديها رؤية عميقة للسوق، وتقوم على التوازن وتحقيق مصالح جميع أطراف الصناعة، ومن هنا جاء التمسك بالحذر في زيادة الإنتاج بسبب الوضع المتوتر للمتغير الفيروسي "دلتا" مع التمسك بأهمية توسيع نطاق اتفاقية "أوبك+" حتى نهاية 2022.
وأضاف أن منتجين آخرين يتعجلون في زيادة الإنتاج استنادا إلى نمو الطلب، ويفضلون الحد من ارتفاع الأسعار بسبب زيادة المخاوف بشأن التضخم في عديد من دول العالم، خاصة في الدول المستهلكة، مستبعدا عودة حرب الأسعار أو إغراق الأسواق، كما حدث في العام الماضي في ذروة أزمة الجائحة.
من جانبه، قال ردولف هوبر، الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة إنه يأمل تجنب السوق فكرة عدم وجود اتفاق على الإطلاق، ومن ثم العودة إلى زيادة الإنتاج في آب (أغسطس) المقبل دون ضوابط، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع أسعار النفط، كما حدث في آذار (مارس) 2020 ولكنه يثق بقدرة السعودية وروسيا على تقريب وجهات النظر ومواصلة دعم خطة توازن السوق.
وأشار إلى أنه قد يكون من الجيد العودة إلى اتفاق بشأن زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يوميا كل شهر بدءا من آب (أغسطس) المقبل واستمرار قيود الانتاج حتى نهاية 2022، لافتا إلى ارتفاع أسعار النفط الخام للشهر الثالث في حزيران (يونيو) الماضي، حيث ساعدت لقاحات كورونا على إنعاش الطلب، بينما قلصت "أوبك+" الإمدادات بشكل مؤثر، ما دفع الأسعار إلى أعلى مستوياتها في أكثر من عامين.
من ناحيته، أوضح ماثيو جونسون، المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات أن "أوبك+" عودت السوق على انتهاج الحلول الوسطية والسعي الدؤوب لتقريب وجهات النظر في كل المواقف، مبينا أن إشارات الطلب القوية في أوروبا والولايات المتحدة تدفع كثيرا من المنتجين إلى رغبة قوية في زيادة الإمدادات، خاصة خلال فصل الصيف الجاري وهو أول موسم قوي للطلب بعد عام ونصف العام من خسائر حادة جراء الجائحة.
وذكر أن كبار المنتجين يرون أن الانتعاش الحالي ما زال هشا، وأن الإمدادات النفطية يجب زياداتها بشكل حذر، خاصة في ضوء انتشار الفيروس مرة أخرى في أجزاء من آسيا، ما أدى إلى زيادة القيود على الحركة.
بدورها، قالت نايلا هنجستلر، مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية: إن أآفاق نمو الطلب ما زالت مطمئنة على الرغم من عدم استقرار السوق، وتباين وجهات المنتجين في تحالف "أوبك+"، لافتة إلى تقديرات صادرة عن "مورجان ستانلي" ترجح أن الطلب اليومي العالمي على النفط من المقرر أن يرتفع بمقدار ثلاثة ملايين برميل من الفترة من أيار (مايو) إلى حزيران (يونيو) حتى كانون الأول (ديسمبر).
وأشارت إلى نمو المعروض المحدود من خارج "أوبك+"، خاصة المنتجين الأمريكيين الأكثر حذرا في أنشطة الحفر من فترات سابقة، مرجحا أن تؤدي الزيادة المقترحة من "أوبك+" في حال إقرارها إلى إبقاء السوق في تفوق للطلب على العرض، ومن ثم سيدعم ذلك أسعار خام برنت في نطاق توقعات عديد من بنوك الاستثمار الأمريكية من 75 إلى 80 دولارا للبرميل في النصف الثاني من هذا العام.
وقال كيفن سولومون، المحلل لدى ستون إكس "يدعم الجمود في الوقت الحالي المزيج النفطي".
وقالت "آي.إن.جي إيكونوميكس" أيضا إن عدم توصل"أوبك+" إلى اتفاق قد يقدم بعض الدعم لسعر النفط لفترة وجيزة، لكنه "قد يكون مؤشرا على بداية النهاية بالنسبة للاتفاق الأوسع، وبالتالي خطر شروع الأعضاء في زيادة الإنتاج".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 75.18 دولار للبرميل الجمعة الماضية مقابل 74.84 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس إن سعر السلة، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثالث ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولار واحد، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 74.19 دولار للبرميل.