عوائق التصدي لخطاب الكراهية
في 15 تموز (يوليو)، عقد معهد واشنطن منتدى سياسيا افتراضيا مع جيل دي كيرشوف. وكيرشوف هو مسؤول بلجيكي رفيع شغل منصب منسق مكافحة الإرهاب في "الاتحاد الأوروبي" منذ 2007. وفيما يلي ملخص المقررة لملاحظاته من إعداد لورين فريدريكس.
على الرغم من أن التهديدات المطروحة اليوم هي في أغلب الأحيان أكبر وأكثر تعقيدا من تلك التي كانت قائمة قبل عقدين من الزمن، إلا أن قدرتنا على التصدي لها توسعت بشكل تصاعدي. فنقاط ضعف أوروبا وشريكها الأقرب، الولايات المتحدة، أصبحت أقل بكثير الآن بفضل جهودهما المشتركة لتبادل المعلومات، وبناء قدرات الدولة، وإيجاد حلول مبتكرة.
وقد كان التزام الطرفين بتعزيز بيئة ممتازة لتبادل المعلومات مثمرا بشكل خاص. على سبيل المثال، بعد أن أعطى "مكتب التحقيقات الفيدرالي" أسماء أكثر من 4500 شخص محتجزين في شمال شرق سورية إلى "اليوروبول"، تم إدراج اللائحة ضمن "نظام معلومات شنجن"، ما يسمح للدول الأوروبية بتحديد هؤلاء الأفراد إذا حاولوا اجتياز الحدود. وقد أثبت تبادل المعلومات بين الولايات المتحدة وحلف "الناتو" في أفغانستان أنه ذو دور فعال أيضا.
ومع ذلك، لا تخلو العلاقة بين الطرفين من العوائق. فعند التصدي لخطاب الكراهية، فإن الاختلافات في التشريعات تجعل من الصعب التوفيق بين حرية التعبير والتحديات الدستورية. وعلى وجه الخصوص، يمكن لإجراءات الحماية ضمن "التعديل الأول" في الدستور الأمريكي أن تعوق الكيفية التي بموجها ترد الولايات المتحدة على التهديدات عبر الأطلسي، في حين إنه بإمكان الدول الأوروبية حظر خطاب الكراهية وممارسة ضغوط هائلة على شركات التواصل الاجتماعي لحذف مثل هذا المحتوى من منصاتها. وبالمثل، تفرض التشريعات الأوروبية الجديدة على شركات التواصل الاجتماعي حذف أي محتوى إرهابي تم نشره على منصاتها في غضون ساعة واحدة.
كما يدور الجدل حول كيفية تعامل الدول مع المشتبهين بالإرهاب، أولا في سجن جوانتانامو والآن في مخيم الهول ومخيمات سورية أخرى. ولطالما شجع قادة مكافحة الإرهاب في أوروبا واشنطن على إغلاق سجن جوانتانامو واستئناف العمل بالمقاربة القضائية العادية في الحرب ضد الإرهاب. وبدورها، شجعت الولايات المتحدة الدول الأوروبية على إعادة المواطنين الذين سافروا إلى "تنظيم داعش"، وهم الآن يعيشون في ظروف بائسة في مخيمات شمال شرق سورية. وبالنظر إلى أن معظم دول "الاتحاد الأوروبي" غير مستعدة لإعادة استقبال المشتبه فيهم الراشدين إلى أوطانهم، فقد ركزت بدلا من ذلك على تحسين ظروف المعيشة في المخيمات، وتقليل المخاطر، وتقديم المساعدة لقوات الأمن الكردية التي تدير هذه المخيمات.
ومن التحديات الأخرى الماثلة انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، ما سيترك أثرا كبيرا في الجهود العالمية لوقف انتشار التطرف والعنف في المنطقة. ولم تظهر أي بوادر من حركة "طالبان" على أنها ستفي بوعدها بوقف دعمها لتنظيم "القاعدة"، ما يترك المجال متاحا أمام تلك المنظمة الإرهابية للظهور من جديد. وبينما تنقل الولايات المتحدة تركيزها إلى مناطق أخرى مثيرة للقلق، ستضطر الدول الأوروبية إلى تعديل تقاسم الأعباء والاعتماد بشكل أكبر على المعلومات الاستخباراتية، وهي مهمة صعبة، نظرا لأن الحماية العسكرية على الأرض ضرورية لجمع المعلومات الاستخبارية.
وبالنظر إلى العقدين المقبلين، سيتم التركيز على عديد من الأولويات. أولا، على الشركاء عبر الأطلسي مواجهة التهديد المتزايد الذي يشكله التطرف العنيف اليميني أو التطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية. ويشمل ذلك مراقبة الأدوات المستخدمة لمكافحة التطرف الإسلامي وتحديد الأدوات التي يمكن تكييفها لاستخدامها في مكافحة التطرف اليميني. على الدول الشريكة أيضا تطوير تعريف فعال لهذا التهديد، من أجل ضمان التوافق ومنع تسييس المصطلح على حد سواء. وقد تأخرت الولايات المتحدة عن أوروبا في تصنيف مثل هذه الجماعات على أنها منظمات إرهابية - ففي 20 تموز (يوليو)، على سبيل المثال، أدرجت المملكة المتحدة المجموعة الأمريكية "ذي بيز" The Base "على لائحة الإرهاب"، في حين أدرجت واشنطن مجموعة واحدة فقط من أصحاب التفوق الأبيض، وهي "الحركة الإمبراطورية الروسية" على هذه اللائحة. إن إدراج هذه الجماعات مفيد بشكل خاص لمواجهة تمويل التطرف. وفي أوروبا، غالبا ما تقوم جماعات اليمين المتطرف والنازية الجديدة بجمع الأموال من خلال تنظيم الحفلات الموسيقية، وبيع الملابس، واستضافة فعاليات للفنون القتالية. ويعد التنسيق الدولي من قبل مثل هذه الجهات الفاعلة محدودا نوعا ما، لكن بعض الدول وقادتها قد نشروا معلومات مضللة وحاكوا نظريات المؤامرة التي تشجع العنف اليميني في جميع أنحاء العالم.
ثانيا، من الواضح أن شبكة الإنترنت تلعب دورا جوهريا في نشر خطاب الكراهية والمعلومات المضللة. وقد رحبت الدول الأوروبية بقرار الرئيس بايدن الانضمام إلى قمة "نداء كرايست تشيرش"، وفي حين أقرت بأن "التعديل الأول" يحد من الطريقة التي يمكن أن تستجيب بها الولايات المتحدة لخطاب الكراهية، إلا أن هذه الدول تعتقد أن هناك مزيدا يتعين القيام به. على جميع الشركاء ممارسة الضغوط على شركات التواصل الاجتماعي لمنع خطاب الكراهية والمحتوى الإرهابي وحذفه. ومثل هذه المنصات ليست منارات لحرية التعبير، فهي تعتمد على خوارزميات قوية تعزز رسائل معينة بينما تخفي رسائل أخرى. وبناء على ذلك، من الضروري تعديل حساباتها الخوارزمية لكي لا تواصل تضخيم المحتوى غير القانوني والمتطرف والإرهابي.
ثالثاً، على الولايات المتحدة مواصلة التصدي للانتشار العالمي للتطرف. فمنذ دحر "تنظيم داعش"، تحول التطرف إلى "إفريقيا"، حيث تسببت الجماعات المتحالفة مع "تنظيم داعش" وغيره من الجهات الفاعلة في إحداث الفوضى في عديد من الدول الإفريقية. وقد أرغم ذلك الحكومات الأوروبية على إعادة النظر في كيفية استثمارها الأموال المخصصة لمكافحة الإرهاب والعمل في إفريقيا. كما سلط الضوء على الأهمية الكبيرة للحكم الرشيد في منع التطرف العنيف ومكافحته. ولا يمكن المبالغة في تأكيد أهمية محاربة الفساد وحماية حقوق الإنسان وتوفير الخدمات الأساسية على الأرض.
وفي أماكن أخرى، وسعت الدول الأعضاء في "الاتحاد الأوروبي" التعاون عبر الأطلسي من خلال تضييق الخناق على تمويل الإرهاب من قبل "حزب الله" اللبناني وتصنيف "جناحه العسكري" على أنه جماعة إرهابية. ففي "عملية سيدار" على سبيل المثال، فككت السلطات الفرنسية شبكة تهريب أموال تابعة للحزب بدعم من "اليوروبول" و"مكتب التحقيقات الفيدرالي". وبينما تحرز الولايات المتحدة تقدما في مفاوضاتها مع إيران، نأمل أن تكون المحادثات التالية صارمة بالشكل المناسب بشأن أنشطة طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بما في ذلك استخدام الميليشيات.