الصين وصعودها المالي الحتمي «2 من 2»
لا شك أن السياسة النقدية شديدة التساهل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أثناء جائحة مرض فيروس كورونا كوفيد - 19 ساعدت على تغذية الزيادة الكبيرة في المشتريات من الأصول الصينية. والآن تتدفق مبالغ ضخمة من الأموال إلى خارج الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وأصبحت الصين وجهة أكثر أمانا لهذه الأموال من اقتصادات الأسواق الناشئة الأخرى.
لكن هذا لا يعني أن هذا اتجاه قصير الأمد. يظهر مسح المستثمر العام العالمي السنوي، الذي ينشره المنتدى الرسمي للمؤسسات النقدية والمالية، أن 30 في المائة من البنوك المركزية تخطط لزيادة حيازاتها من الرنمينبي في غضون عام إلى عامين، مقارنة بنحو 10 في المائة في العام الماضي. وفي إفريقيا، يخطط نصف البنوك المركزية تقريبا لزيادة احتياطياتها من الرنمينبي.
نتيجة لهذا، أصبح نصيب الرنمينبي في الاحتياطيات العالمية من النقد الأجنبي يتجه نحو الارتفاع بمتوسط معدل سنوي يقارب نقطة مئوية واحدة على مدار الأعوام الخمسة المقبلة. تتوقع أبحاث أجراها جولدمان ساكس وسيتي أن الرنمينبي سيكون بين أكبر ثلاث عملات في العالم في غضون عشرة أعوام.
بينما تفتح الصين أسواق رأس المال، فإنها أيضا تدفع بهدوء إلى الأمام تطوير العملة الرقمية التي يصدرها بنكها المركزي. في الوقت الحالي، يجري اختبار هذه العملة الرقمية في إطار عينة تمثيلية من عشر مدن رئيسة، تضع الصين في مرتبة متقدمة كثيرا عن الأغلبية العظمى من البنوك المركزية الأخرى: ففي حين بدأت 80 في المائة من البنوك المركزية في تصميم نظام للعملة الرقمية، وصلت 16 في المائة فقط منها إلى المرحلة التجريبية.
كانت الصين تعمل أيضا على تطوير نظام دفع رقمي عبر الحدود. والآن، انضم بنك الشعب الصيني إلى السلطة النقدية في هونج كونج، وبنك تايلاند، والبنك المركزي في الإمارات، لإطلاق مشروع بحثي متعدد الأطراف، جسر عملة البنك المركزي الرقمية التعددي، الذي سيستكشف طرقا لدمج العملات الرقمية في أنظمة الدفع عبر الحدود.
في حين تعرض عملة البنك المركزي الصيني الرقمية حاليا على أنها قسيمة دفع نقدي، فإن إمكاناتها أضخم كثيرا. بينما تعمل مبادرة الحزام والطريق الصينية، على تسهيل الزيادة في تدفقات التجارة والاستثمار، ستساعد عملة البنك المركزي الصيني الرقمية على توسيع استخدام الرنمينبي في تسوية المعاملات عبر الحدود، وتقليل الاعتماد على شبكة سويفت التي تقودها الولايات المتحدة، وإرساء الأساس لإنشاء شبكة دفع بالعملة الرقمية الإقليمية أكثر ملاءمة بقيادة الصين. الأمر الأكثر أهمية أن عملة البنك المركزي الرقمية ستساعد الصين بكل تأكيد على تدويل ديونها المحلية التي تقدر قيمتها بتريليونات الدولارات، وبالتالي ايجاد سوق ضخمة لتحويل الرنمينبي إلى عملة تدويل.
أيا كانت التحديات التي تواجه الصين، لم يعد من الممكن تجاهل صعودها. ولا تزال نبوءة سوبرامانيان التي مضى عليها عشرة أعوام سارية، وستحدث بسرعة أكبر وعلى نحو أكثر شمولا من توقعات معظم المراقبين.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2021.